كتاب جمهرة الأمثال (اسم الجزء: 1)

79 - قَوْلهم أوردهَا سعد وَسعد مُشْتَمل
يضْرب مثلا لإدراك الْحَاجة بِلَا تَعب وَلَا مشقة يَعْنِي أَنه أورد إبِله شَرِيعَة المَاء فَشَرِبت واشتمل هُوَ بكسائه ونام وَلم يوردها بِئْرا فَيحْتَاج إِلَى الاستقاء لَهَا
وَهُوَ مثل قَوْلهم (أَهْون السَّقْي التشريع) أَي إِ يُرَاد الْإِبِل الشَّرِيعَة هَكَذَا فسره بَعضهم وَالصَّحِيح أَنه يضْرب مثلا للرجل يقصر فِي الْأَمر ايثارا للراحة على الْمَشَقَّة وَالدَّلِيل على ذَلِك قَوْله
(مَا هَكَذَا تورد يَا سعد الْإِبِل ... )
أَي مَا هَكَذَا يكون الْقيام فِي الْأُمُور
والمثل لمَالِك بن زيد مَنَاة بن تَمِيم وَرَأى أَخَاهُ سَعْدا أورد إبِله وَلم يحسن الْقيام عَلَيْهَا فَقَالَ ذَلِك وَكَانَ مَالك آبل أهل زَمَانه على حمقه وَسَنذكر قصَّته على التَّمام بعد إِن شَاءَ الله
وَخرج قوم فِي خلَافَة عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام سفرا فَقتلُوا بَعضهم فَلَمَّا رجعُوا طالبهم عَليّ رَضِي الله عَنهُ وَأمر شريحاً بِالنّظرِ فِي أَمرهم فَحكم بِإِقَامَة الْبَيِّنَة فَقَالَ عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام
(أوردهَا سعد وَسعد مُشْتَمل ... مَا هَكَذَا تورد يَا سعد الْإِبِل)
أَرَادَ أَنه قصر وَلم يستقص كتقصير صَاحب الْإِبِل فِي تَركهَا واشتماله ولومه
ثمَّ فرق بَينهم وسألهم وَاحِدًا وَاحِدًا فَاخْتَلَفُوا عَلَيْهِ فَلم يزل يبْحَث حَتَّى أقرُّوا فَقَتلهُمْ وَذَلِكَ أول مَا فرق بَين الْخُصُوم

الصفحة 93