كتاب الأغصان الندية شرح الخلاصة البهية بترتيب أحداث السيرة النبوية
فأَفْرَغَهُ في صَدرِي ثُمَّ أَطْبَقَهُ (¬1) ثُمَّ أُتِيتُ بِدابَّةٍ أَبْيَضَ يُقالُ لَهُ: الْبُراقُ فَوْقَ الْحِمارِ وَدُونَ الْبَغْلِ يَقَعُ خَطْوُهُ عِنْدَ أَقْصَي طَرْفِهِ (¬2) فاسْتَصعَبَ عَلَيهِ، فَقالَ لَهُ جبريلُ: أَبِمُحَمَّدٍ تَفْعَلُ هَذا؟ فَما رَكِبَكَ أحدٌ أكرَمُ عَلَى الله مِنْهُ قالَ فارْفَضَّ عَرَقًا (¬3) حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، قالَ: فَرَبَطْتُهُ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي يَزبِطُ بِهِ الْأَنْبِياءُ، قالَ: ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ (¬4) فَصَلَّيْتُ بالنبيين والمرسلين إمامًا (¬5) ثُمَّ خَرَجْتُ فَجاءَنِي جِبْرِيلُ -عليه السلام- بِإناءٍ مِنْ خَمْرٍ وَإِناءٍ مِنْ لَبَنٍ فاخْترتُ اللَّبَنَ، فَقالَ جِبْرِيلُ-عليه السلام-: اخْتَرْتَ الْفِطْرَةَ (¬6) ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَعَرَجَ بِي إلى السَّماءِ الدُّنْيا فَلَمّا جِئْتُ إلى السَّماءِ الدُّنْيا، قالَ جِبْرِيلُ لِخازِنِ السَّماءِ: افْتَح، قالَ: مَنْ هَذا؟ قالَ: جِبرِيلُ، قالَ: هَلْ مَعَكَ أَحَدٌ؟ قالَ: نَعَمْ مَعِي مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم -، فَقالَ: أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قالَ: نعَمْ، فَلَمّا فَتَحَ علَوْنا السَّماءَ الدُّنْيا فَإِذا رَجُلٌ قاعِدٌ عَلَى يَمِينِهِ أَسْوِدَةٌ وَعَلَي يَسارِهِ أَسْودِةٌ، إِذا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحِكَ، وَإِذا نَظَرَ قِبَلَ يَسارِهِ بَكَى، فَقالَ: مَرحَبًا بِالنَّبِي الصّالِحِ، والابْنِ الصّالِحِ، قُلْتُ لِجِبرِيلَ: مَنْ هَذا؟ قال: هذا آدم وَهَذهِ الْأَسْوِدَةُ عَنْ يَمِينهِ وَشِمالِهِ نَسَمُ بنيهِ فأَهْلُ الْيَمِينِ مِنْهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ، والْأَسْوِدةُ الَّتِي عَنْ شِمالِهِ أَهْلُ النّارِ فَإذا نَظَرَ عَنْ يَمِينِهِ ضَحِكَ وَإِذا نَظَرَ قِبَلَ شِمالِهِ بَكَي (¬7) ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّماءَ الثّانِيَةَ فاسْتَفْتَحَ قِيلَ مَنْ هذا؟ قالَ: جبريلُ، قِيلَ: وَمَنْ
¬__________
(¬1) البخاري (349).
(¬2) مسلم (164).
(¬3) أحمد 3/ 164، الترمذي (3131)، وقال: حسن غريب، وصحح إسناده الألباني في "صحيح الترمذي".
(¬4) مسلم (162).
(¬5) انظر: "الإسراء والمعراج" للألباني (14).
(¬6) مسلم (162).
(¬7) البخاري (349).
الصفحة 112