كتاب ماهية العقل ومعناه واختلاف الناس فيه

ويسمعون من الدَّلَائِل عَلَيْهِ من آيَات الْكتاب وآثار الصَّنْعَة واتصال التَّدْبِير الَّذِي يدل عَلَيْهِ أَنه وَاحِد لَا شريك لَهُ
وَحكى تَعَالَى قَول أهل النَّار فَقَالَ {وَقَالُوا لَو كُنَّا نسْمع أَو نعقل مَا كُنَّا فِي أَصْحَاب السعير}
وَقد كَانَت لَهُم عقول وأسماع لزمتهم بهَا الْحجَّة لله عز وَجل وَإِنَّمَا عَنى عز وَجل أَنَّهَا لم تعقل عَن الله فهما لما قَالَ من عَظِيم قدر عَذَابه فندمت وَنَادَتْ بِالْوَيْلِ والندم لَا أَنَّهَا لم تكن تسمع وَلَا تعقل وَلَا كَانُوا بمجانين وَلَكِن يعْقلُونَ أَمر الدُّنْيَا وَلَا يعْقلُونَ عَن الله مَا أخبر عَنهُ ووعد وتوعد
قلت فَمَتَى يُسمى الرجل عَاقِلا عَن الله تَعَالَى
قَالَ إِذا كَانَ مُؤمنا خَائفًا من الله عز وَجل
وَالدَّلِيل على ذَلِك أَن يكون قَائِما بِأَمْر الله الَّذِي أوجب عَلَيْهِ الْقيام بِهِ مجانبا لما كره وَنَهَاهُ عَنهُ فَإِذا كَانَ كَذَلِك اسْتحق أَن يُسمى عَاقِلا عَن الله
بل لِأَنَّهُ لَا يُسمى عَاقِلا عَن الله من يعزم على الْقيام بسخطه

الصفحة 218