كتاب ماهية العقل ومعناه واختلاف الناس فيه

بأشر الْأَعْمَال لعَظيم حجَّة الْعلم وَجَمِيل السّتْر عَلَيْهِ وَلما أَمر بِهِ من خوف سوء الْخَوَاتِم الَّتِي مَاتَ عَلَيْهَا الأشقياء فَهُوَ متواضع للعباد كلهم لشدَّة ذلة الْخَوْف على نَفسه
وعقل عَن الله عز وَجل مَا بَين من قدر الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فعقل صفة الْآخِرَة بنعيمها وملكها وشرفها وعزها وعظيم قدر سكانها أَنَّهَا فِي جوَار الْمولى وَمَا وصف بِهِ سوء عَيْش الدُّنْيَا وضعة رفعتها عِنْده يَوْم يُحَاسب عباده وذل الْعَزِيز بهَا عِنْده فِي يَوْم يبْعَث خلقه وحقارة المتكبرين فِي عينه وصنعه بهم يَوْم النشور حَتَّى أَنهم ليحشرون فِي صور الذَّر دون جَمِيع الْعباد
وعقل عَن الله تَعَالَى مَا أمره بِهِ وَأخْبر أَن الْفَقِير من اسْتغنى بالدنيا عَنْهَا وَمن يجازي بِمَا 112 حرمه من خفَّة الْحساب والتصاعد فِي معالي درجاته
فَلَمَّا عقل ذَلِك كُله عَن ربه كَانَ الْفقر فِي الدُّنْيَا أحب إِلَيْهِ من الْغنى بهَا وَكَانَ التَّوَاضُع أحب إِلَيْهِ من الشّرف فِيهَا وَكَانَ الذل أحب إِلَيْهِ من الْعِزّ بهَا

الصفحة 231