كتاب آراء القرطبي والمازري الاعتقادية

ويصرح بمعارضته لمالك فيما ذهب إليه" (¬١).

ثانيًا: عقيدته:
لقد حفل كتاب "المفهم" بالمباحث العقدية، وكان القرطبي طويل النفس في مناقشتها، والوقوف عندها، قويًّا في نصرة ما يراه من مسائل العقيدة، شديدًا في الرد على المخالفين له في ذلك.
وقد كان في بداية طلبه للعلم توجه للعلوم العقلية، والأخذ بأقوال المتكلمين.
قال ابن مسدي: "أخذ نفسه بعلم الكلام، وأن الجوهر الفرد لا يقبل الانقسام، وتغلغل في تلك الشعاب عدة أحقاب" (¬٢). ولكنه انصرف بعد ذلك عنه بل رد على المتكلمين بكلام نفيس للغاية (¬٣).
وإن كان من خاض في هذه العلوم قلما ينجو دون أن يعلق به شيء منها.
ومن خلال هذه المباحث العقدية التي حفل بها المفهم نجد أبا العباس قد سلك طريقة الأشاعرة في غالب مسائل العقيدة خصوصًا في تأويل الصفات التي تأولها الأشاعرة، وإن كان قد تردد في بعضها فلم يجزم بالتأويل، إلَّا أنه تكلف في رد كثير مما يخالف ما ذهب إليه الأشاعرة وشنع على المخالفين لهم.
قال في تأويل إتيان الله تعالى ومجيئه: "لكن مع القطع بأن هذه الظواهر الواردة في الكتاب والسنة الموهمة للتجسيم والتشبيه يستحيل
---------------
(¬١) مقدمة تحقيق المفهم (١/ ٣٥).
(¬٢) توضيح المشتبه (٨/ ١٣٩).
(¬٣) انظر: المفهم (١/ ١٤٥، ٦/ ٦٩٣).

الصفحة 116