كتاب آراء القرطبي والمازري الاعتقادية

والكفر والنفاق - مسائل عظيمة جدًّا، فإن الله عز وجل علَّق بهذه الأسماء السعادة والشقاوة، واستحقاق الجنة والنار، والاختلاف في مسمياتها أول اختلاف وقع في هذه الأمة" (¬١).
لهذا الخلاف المذكور تعددت الأقوال في تعريف الإيمان، والحق منها ما عليه أهل السنة والجماعة إذ عرفوه بأنه قولٌ باللسان، واعتقاد بالقلب، وعملٌ بالجوارح (¬٢).
وأما الأقوال الأخرى، فهي تختلف قربًا وبعدًا من الحق، وهي على النحو التالي:
الأول: الإيمان: هو التصديق بالجنان، والقول باللسان. وهذا مشهور عن بعض الفقهاء، ولذا يقال: "إرجاء الفقهاء" وقال به: حماد بن أبي سليمان (¬٣)، وأبو حنيفة وأصحابه (¬٤).
الثاني: الإيمان: هو التصديق بالله مع معرفته بالقلب. وهذا قول عامة الأشاعرة (¬٥).
الثالث: الإيمان: فعل جميع الطاعات المفترضة بالقلب واللسان والجوارح وهذا قول الخوارج والمعتزلة (¬٦).
---------------
= إكماله، توفي بدمشق سنة (٧٩٥ هـ). الدر الكامنة (٢/ ٣٢١). طبقات الحفاظ ص (٥٦٧) ترجمة (١١٧٢).
(¬١) جامع العلوم والحكم ص (٣٨).
(¬٢) انظر: الشريعة للآجري (٢/ ٦١١)، وشرح اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي (٤/ ٩١١) ومسائل الإيمان لأبي يعلى بن الفراء ص (١٥٢).
(¬٣) حماد بن أبي سليمان، تابعي رمي بالإرجاء تتلمذ عليه الإمام أبو حنيفة ولازمه توفي سنة (١٢٠ هـ). سير أعلام النجلاء (٥/ ٢٣١). طبقات الحفاظ ص (٦٠) ترجمة (١٠٥).
(¬٤) انظر: مقالات الإسلاميين لأبي الحسن الأشعري (١/ ٢١٩)، والفتاوى لابن تيمية (٧/ ٥٠٧).
(¬٥) انظر: اللمع لأبي الحسن الأشعري ص (١٢٢)، والإنصاف للباقلاني ص (٥٥).
(¬٦) انظر: مقالات الإسلاميين (١/ ١٤٩، ٣٢٩)، والملل والنحل (١/ ٤٥).

الصفحة 135