كتاب آراء القرطبي والمازري الاعتقادية

إفريقية إلى مصر سنة (٣٦٢ هـ) في عهد المعز لدين الله الفاطمي، وجعلوا على إفريقية بلكين بن زيزي الصنهاجي، وهي بداية قيام الدولة الصنهاجية التي امتدت قرابة القرنين، ولما توفي بلكين سنة (٣٧٣ هـ) (¬١) تولى ابنه المنصور الذي توفي سنة (٣٨٥ هـ) (¬٢) فتولى بعده ابنه باديس حتى توفي سنة (٤٠٧ هـ) (¬٣)، فتولى ابنه المعز بن باديس.
وكان المعز بن باديس يميل إلى السنة ويسعى إلى التخلص من سلطة الدولة الفاطمية الشيعية، خصوصًا أن الشعب يعين على ذلك بتمسكه بالسنة ورفضه للمذهب الرافضي الذي تدين به الدولة.
وقد أعلن المعز بن باديس انفصاله عن الدولة الفاطمية ودعا للخليفة العباسي، ودان له بالولاء، وذلك سنة (٤٤٠ هـ) (¬٤)، فما كان من الخليفة الفاطمي "المستنصر" إلَّا أن سلَّط عليه الأعراب من هلال ورياح وزغبة، الذين كانوا مع القرامطة فبعثهم إلى إفريقية، وأوكل الأمر فيها إليهم، فساروا إليها، ودخلوا مع الصنهاجيين في حروب طاحنة أدت إلى ضعف الدولة الصنهاجية وتسلَّط الأعراب على كثير من مدنها حتى دخلوا القيروان عاصمة الدولة الصنهاجية سنة (٤٤٩ هـ)، وعاثوا فيها فسادًا، حتى رحل المعز إلى المهدية، حيث سبقه ابنه تميم إليها، وانتقلت عاصمة الدولة الصنهاجية إلى المهدية، ولم ينته حكم المعز بن باديس الذي توفي سنة (٤٥٤ هـ) - أي بعد ولادة المازري بسنة - إلَّا وقد كثُرت الاضطرابات والمحن، واختل الأمن، وضعف أمر صنهاجة وتفككت وحدة الدولة.
---------------
(¬١) الدولة الصنهاجية، الهادي روجي إدريس (١/ ٦٩).
(¬٢) المرجع السابق (١/ ٩٨).
(¬٣) المرجع السابق (١/ ١٢٠).
(¬٤) المرجع السابق (١/ ٢١٢).

الصفحة 20