كتاب آراء القرطبي والمازري الاعتقادية

الكتاب بقي رهين الحبس دون إخراج قرونًا متطاولة، حتى يسَّر الله إخراجه بصورة جيدة وبتحقيق طيب على يد مجموعة من الباحثين، علمًا أنَّ هناك عشر رسائل علمية بعضها قد أجيزت في جامعة الإمام لتحقيق هذا الكتاب. ولما خرج هذا الشرح في سبع مجلدات ضخمة بأكثر من أربعة ألاف صفحة تسارع طلاب العلم لاقتنائه وأكبوا على مطالعته والاستفادة منه فوجدت هذه فرصة سانحةً ليكون هذا الشرح الكبير موضوعًا لرسالتي في مرحلة الدكتوراه في قسم العقيدة خصوصًا أنَّ القرطبي رحمه الله قد تأثر بمنهج المتكلمين وسار على طريقة الأشاعرة المأولين، بحيث أنَّ دراسة منهجه في ذلك وبيان مخالفته لمنهج السلف في هذا الجانب وتقويم ما أخطأ فيه يكون وسيلةً نافعةً للاستفادة من هذا الشرح دون حرج أو حذر فاستشرت من مشايخي من أثق بعلمه واستنير برأيه، فوجدت التأييد التام، فاستعنت بالله تعالى وقدمت مخططه لقسم العقيدة، ولكن أعضاء القسم حفظهم الله، رأوا إضافة شرح آخر إليه فوقع اختيارهم على أول شروح صحيح مسلم وأقدمها وصولًا إلينا وهو "المعلم بفوائد مسلم"، لمحمد بن علي المازري المتوفي سنة (٥٣٦ هـ)، وهو الكتاب الذي أصبح أساسًا لما بعده حيث أكمله القاضي عياض بكتابه "إكمال المعلم" ثم أكمله عدد من العلماء بـ "إكمال إكمال المعلم"، و"مكمل إكمال المعلم" وغيرها فزادت الكتب المصنفة على "المعلم" على خمسة مؤلفات فرضخت للأمر، رغم علمي بصعوبته، إلَّا أنه مما سهل الأمر بعد الإستعانة بالله أنهما على مذهب واحد في العقيدة وهي عقيدة الأشاعرة وإن لم يلتزم القرطبي التزامًا كاملًا بها.
ولا ريب أنَّ الفتن والبدع التي ظهرت عصفت في مسارها بخلق كثير وإنَّ ممن نالهم عصف هذه الفتن القرطبي والمازري - رحمهما الله

الصفحة 5