كتاب آراء القرطبي والمازري الاعتقادية

إنما كان من إملائه في درسه، فقد درَّس في حلقته في رمضان سنة (٤٩٩ هـ) هذا الإملاء فتلقاه بعض التلاميذ ودوَّنه، ثم عرضه بعد على الشيخ، فاطلع عليه وصحح بعضه وحذف بعضه، ثم أجازه بعد ذلك.
ولذا فغالب الكتاب يكون النقل عن الإمام بالمعنى لا باللفظ، قال ابن الآبار في ترجمته لتلميذ المازري عبيد الله بن عيشون: "ولقي أيضًا أبا عبد الله المازري بالمهدية وحكى عنه أنه سمعه يقول، وقد جرى ذكر كتابه "المعلم بفوائد صحيح مسلم": إني لم أقصد تأليفه وإنما كان السبب فيه أنه قرئ عليَّ كتاب مسلم في شهر رمضان فتكلمت على نقط منه فلما فرغنا من القراءة عرض عليَّ الأصحاب ما أمليته عليهم فنظرت فيه وهذبته فهذا كان سبب جمعه" (¬١)، وقد جاء ذلك في كتاب المعلم ونصه: "هذا كتاب قصد فيه إلى تعليق ما جرى في مجالس الفقيه الإمام الجليل أبي عبد الله محمد بن علي المازري (رضي الله عنه) حين القراءة عليه لكتاب مسلم بن الحجاج -رحمه الله- في شهر رمضان المكرم من سنة تسع وتسعين وأربعمائة منقولًا ذلك بعضه بحكاية لفظ الفقيه الإمام أيَّده الله وأكثره بمعناه" (¬٢).
وهو وإن كان من تدوين بعض تلاميذه في درسه فقد أجازه وصار ينسبه إلى نفسه ويعتبره من تأليفه وهو يدل على طول نفس المازري في دروسه وتمهله في إلقائه على طلابه بحيث يستطيع التلاميذ أن يدونوا ذلك أو كثيرًا منه بلفظ الشيخ.
وقد جزم النيفر أن هذا الشرح كان خلال شهر واحد أي في شهر
---------------
(¬١) التكملة (٢/ ٩٣٦).
(¬٢) المعلم (١/ ١٨١).

الصفحة 66