كتاب آراء القرطبي والمازري الاعتقادية

دور العلم فيها، ولازم مجالس العلماء-، بأنها بلد العلم والأدب، شجع على ذلك اهتمام غالب حكامها بالعلم وتشجيعهم عليه، واهتمامهم بإنشاء المكتبات وتشييدها، وجمع الكتب لها، بداية من عهد الأمويين، فهذا الحكم الثاني الأموي المتوفى سنة (٣٦٦ هـ) كون مكتبة عظيمة جمع لها الكتب من شتى البلاد، وكان محبًا للعلم مشجعًا عليه، قال عنه المقري: "كان محبًا للعلوم مكرمًا لأهلها، جمَّاعًا للكتب بأنواعها، بما لم يجمعه أحد من الملوك قبله" (¬١).
وفي حكم المرابطين كان يوسف بن تاشفين محبًّا للعلم، مقرِّبًا لأهله، قال عنه المراكشي (¬٢): "فانقطع إلى أمير المؤمنين من الجزيرة من أهل كل علم فحوله حتى أشبهت حضرته حضرة بني العباس في صدر دولتهم واجتمع له ولابنه من أعيان الكتاب، وفرسان البلاغة، ما لم يتفق اجتماعه في عصر من الأعصار (¬٣).
واستمر ذلك في دولة الموحدين، وهي التي قامت على أساس العلم، وعلى يد من انتسب إليه وهو عبد الله بن تومرت (¬٤). وسار على دربه الخلفاء من بعده فيوسف بن عبد المؤمن كون مكتبة كبيرة جمع فيها
---------------
(¬١) نفح الطيب (١/ ٣٨٥).
(¬٢) عبد الواحد بن علي التميمي المراكشي، المالكي، مؤرخ نشأ بمراكش وتعلم في إفريقية والأندلس، تجول في بلدان العالم الإسلامي، توفي سنة (٦٤٧ هـ). معجم المؤلفين (٢/ ٣٣٤).
(¬٣) المعجب في تلخيص أخبار المغرب للمراكشي ص (٢٢٧).
(¬٤) سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عنه، فبين أنه تعلم العلم، ثم جاء إلى قوم من البربر لا يعرفون شرائع الإسلام فعلمهم الصلاة والزكاة والصيام وغيرها من شرائع الدين، ولكنه استجاز الكذب عليهم وإظهار المخاريق ليعتقدوا بولايته وأنه المهدي واستحل دماء أهل السنة والجماعة في المغرب بدعوى أنهم مجسمة ثم بيَّن شيخ الإسلام، أنه قد وافق عقائد المعطلة والفلاسفة. الفتاوى (١١/ ٤٧٨).

الصفحة 85