كتاب عقيدة أهل السنة في الصحابة لناصر بن علي (اسم الجزء: 1)

يكون لمن بعدهم. وقد ثبت بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم خير القرون، وأن المدّ من أحدهم إذا تصدق به كان من جيل أحد ذهباً ممن بعدهم، ثم إذا كان قد صدر من أحدهم ذنب فيكون قد تاب منه أو أتى بحسنات تمحوه أو غفر له بفضل سابقته أو بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم الذي هم أحق الناس بشفاعته، أو ابتلي ببلاء في الدنيا كفر به عنه، فإذا كان هذا في الذنوب المحققة فكيف الأمور التي كانوا فيها مجتهدين إن أصابوا فلهم أجران وإن أخطأوا فلهم أجر واحد والخطأ مغفور ثم إن القدر الذي ينكر من فعل بعضهم قليل نزر مغفور في جنب فضائل القوم ومحاسنهم من الآيمان بالله ورسوله والجهاد في سبيله والهجرة والنصرة والعلم النافع والعمل الصالح، ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة وما منّ الله عليهم به من الفضائل علم يقيناً أنهم آخر الخلق بعد الأنبياء لا كان ولا يكون مثلهم، وأنهم الصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم وأكرمها على الله"أ. هـ1.
23- قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى مبيناً فضل الصحابة عموماً على غيرهم ممن جاء بعدهم وذاكراً الصفات التي أهلتهم لذلك عند كلامه على ذكر أنواع الرأي المحمود: "النوع الأول: رأى أفقه الأمة، وأبر الأمة قلوباً وأعمقهم وأقلهم تكلفاً وأصحهم قصوداً وأكملهم فطرة، وأتمهم إدراكاً، وأصفاهم أذهاناً الذين شاهدوا التنزيل وعرفوا التأويل، وفهموا مقاصد الرسول، فنسبة آرائهم وعلومهم وقصودهم إلى ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم كنسبتهم إلى صحبته، والفرق بينهم وبين من بعدهم في ذلك كالفرق بينهم وبينهم في الفضل فنسبة رأي من بعدهم إلى رأيهم كنسبة قدرهم إلى قدرهم. والمقصود أن أحداً ممن بعدهم لا يساويهم في رأيهم وكيف يساويهم؟ وقد كان أحدهم يرى الرأي فينزل القرآن بموافقته ... وحقيق بمن كانت آراؤهم بهذه المنزلة أن يكون رأيهم لنا
__________
1ـ العقيدة الواسطية مع شرحها لمحمد خليل هراس ص/142-151.

الصفحة 109