كتاب عقيدة أهل السنة في الصحابة لناصر بن علي (اسم الجزء: 3)
من أبيك يحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: نعم، قال: فقدموه على ضفة النهر فضربوا عنقه، فسال دمه كأنه شراك نعل ما امذقر1 وبقروا أم ولده عما في بطنها"2.
وكان الذي تولى قتله منهم رجل يقال له: مسعر بن فدكي3.
وذكر عبد القاهر أن رجلاً منهم شد عليه يقال له: "مسمع" فجرى دمه فوق ماء النهر كالشراك إلى الجانب الآخر، ثم إنهم دخلوا منزله وكان في القرية التي قتلوه على بابها، فقتلوا ولده وجاريته أم ولده، ثم عسكروا بنهروان4.
وقد بلغ علياً رضي الله عنه نبأ قتلهم عبد الله بن خباب وقتلهم الكثير من الأطفال والنساء، وقد كان رضي الله عنه متأهباً للعودة إلى صفين لمقاتلة أهل الشام، فرأى أن العودة لمقاتلة هؤلاء المفسدين أولى فكان في ذلك خيرة له ولأهل الشام فرجع إلى النهروان، "فقاتلهم مقاتلة شديدة وكان عددهم اثنى عشر ألفاً فما انفلت منهم إلا أقل من عشرة، وما قتل من أصحاب علي إلا أقل من عشرة، فانهزم اثنان منهم إلى عمان، واثنان إلى كرمان واثنان إلى سجستان واثنان إلى الجزيرة، وواحد إلى تل موزن5.
وظهرت بدع الخوارج في هذه المواضع منهم6، وقد انمحت بدعهم في بعض هذه الأماكن نهائياً، وبعضها باقية فيها إلى اليوم.
__________
1ـ معناه أنه مر فيه كالطريقة الواحدة لم يختلط به ولذلك شبهه بالشراك الأحمر وهو سيور النعل. أهـ النهاية في غريب الحديث 4/212.
2ـ المسند 5/110.
3ـ مقالات الإسلاميين 1/210.
4ـ الفرق بين الفرق ص/77.
5ـ بلد قديم بين رأس عين وسروج وهو مبني بحجارة عظيمة سود، قريب من حران ـ فتحه عياض بن غنم سنة 17هـ. معجم البلدان 2/45، وانظر مراصد الأطلاع للبغدادي 1/273.
6ـ الملل والنحل للشهرستاني 1/117، وانظر الفرق بين الفرق ص/80-81، التبصير في الدين ص/49.