كتاب عقيدة أهل السنة في الصحابة لناصر بن علي (اسم الجزء: 3)
وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} 1، وبهذه الأمور الأربعة المتقدم ذكرها والتي استفدناها من آيات القرآن الكريم التي سقناها تبين بطلان تكفير الخوارج لمن قدمنا ذكرهم من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين ولبعض فرق الخوارج مطاعن خاصة طعنوا بها على عثمان وعلي وأم المؤمنين رضي الله عنها.
فأما مطاعنهم على وجه الخصوص في ذي النورين عثمان، فقد ذكر العلامة ابن جرير الطبري أن قبيصة بن عبد الرحمن الخثعمي كان يحدث أصحاب صالح بن مسرح التميمي2 أن قصص صالح عنده وكان ممن يرى رأيهم فسألوه أن يبعث بالكتاب إليهم ففعل وقد كان من ضمن الكتاب قوله: "وولي المسلمين من بعده3 عثمان فاستأثر بالفيء وعطل الحدود وجار في الحكم واستذل المؤمن وعزز المجرم، فسار إليه المسلمون فقتلوه فبريء الله منه ورسوله وصالح المؤمنين"4.
هذا الطعن في ذي النورين صادر من رجل يعد زعيماً لفرقة الصفرية من الخوارج وهذا الطعن ما هو إلا اختلاق فعثمان رضي الله عنه لم يستأثر بفيء ولم يعطل حداً من حدود الله، بل أقام حدود الله، بل أقام حدود الله مدة خلافته كما أمر الله حتى توفاه ربه وسار في الأمة بسيرة رسوله صلى الله عليه وسلم والخليفتين قبله، ولم يخرج رضي الله
__________
1ـ سورة الحديد آية/10.
2ـ هو صالح بن مسرح التميمي أحد زعماء الصفرية، وأول من خرج فيهم كان كثير العبادة وكان يقيم في أرض دارا والموصل والجزيرة وله أصحاب يقرأ لهم القرآن ويعظمهم فدعاهم إلى الخروج وإنكار الظلم وجهاد المخالفين لهم فأجابوه، ووفد عليه شبيب بن يزيد فكان قائد جيشه ونشبت الوقائع بينه وبين أمير الجزيرة "محمد بن مروان" فقتل صالح بالقرب من الموصل، قتله الحارث بن عميرة الهمداني سنة 76 هجرية. انظر ترجمته في تاريخ الطبري 6/216 وما بعدها، الكامل في التاريخ 4/393 وما بعدها، الأعلام للزركلي 3/283.
3ـ أي: بعد عمر.
4ـ تاريخ الأمم والملوك 6/217.