كتاب عقيدة أهل السنة في الصحابة لناصر بن علي (اسم الجزء: 1)

فالقول الراجح في المراد بالسابقين الأولين هو هذا الذي قرره شيخ الإسلام ابن تيمية ويؤيده ما يلي:
1- ما رواه مسلم بإسناده إلى أبي سعيد قال: "كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف شيء فسبه خالد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا أحداً من أصحابي فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهباً ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه" 1.
فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول لخالد ونحوه: "لا تسبوا أصحابي" يعني عبد الرحمن بن عوف وأمثاله، لأن عبد الرحمن ونحوه هم السابقون الأولون، وهم الذين أسلموا قبل الفتح وقاتلوا، وهم أهل بيعة الرضوان. فهم أفضل وأخص بصحبته ممن أسلم بعد بيعة الرضوان وهم الذين أسلموا بعد الحديبية وبعد مصالحة النبي صلى الله عليه وسلم أهل مكة، ومنهم خالد بن الوليد، وهؤلاء أسبق ممن تأخر إسلامهم إلى فتح مكة، وسموا الطلقاء ... والمقصود أنه نهى من له صحبة آخراً أن يسب من له صحبة أولاً لامتيازهم عنهم من الصحبة بما لا يمكن أن يشركوهم فيه حتى لو أنفق أحدهم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه، فإذا كان هذا حال الذين أسلموا بعد الحديبية، وإن كانوا قبل فتح مكة فكيف حال من ليس من الصحابة بحال مع الصحابة رضي الله عنهم أجمعين2.
2- ما رواه مسلم أيضاً بإسناده إلى عبد الله بن عباس رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج إلى الشام حتى إذا كان بسرغ3 لقيه أهل الأجناد4 أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه فأخبروه أن الوباء5 قد وقع
__________
1ـ صحيح مسلم 4/1967.
2ـ شرح العقيدة الطحاوية ص/529-530.
3ـ سرغ: قرية في طرف الشام مما يلي الحجاز "شرح النووي" 14/208، وانظر النهابة في غريب الحديث 2/361.
4ـ المراد بالأجناد هنا مدن الشام الخمس: وهي فلسطين والأردن ودمشق وحمص وقنسرين "شرح النووي" 14/208.
5ـ الوباء: المراد به هنا: الطاعون: انظر: النهابة في غريب الحديث 5/144.

الصفحة 122