كتاب عقيدة أهل السنة في الصحابة لناصر بن علي (اسم الجزء: 1)

الأول: الانتقال من دار الخوف إلى دار الأمن كما في هجرتي الحبشة، وابتداء الهجرة من مكة إلى المدينة.
الثاني: الهجرة من دار الكفر إلى دار الإيمان وذلك بعد أن استقر النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة وهاجر إليه من أمكنه من المسلمين، وكانت الهجرة إذ ذاك تختص بالانتقال إلى المدينة إلى أن فتحت مكة فانقطع الاختصاص وبقي عموم الانتقال من دار الكفر لمن قدر عليه باقياً1.
ولقد ورد الثناء في كثير من الآيات القرآنية على المهاجرين الذين تركوا دورهم ومنازلهم كراهة البقاء بين المشركين وفي سلطانهم حيث لا يأمنون فتنتهم على أنفسهم في ديارهم فهاجروا إلى بلد الإيمان الذي يأمنون فيه على أنفسهم من فتنة المشركين وليستعدوا لجهاد المشركين لنصرة دين الله ورسوله وليدخلوا المشركين في دين الله حتى يلتزموا بما يرضيه ـ سبحانه وتعالى ـ فمن الثناء الذي جاء في حق السابقين من المهاجرين من الآيات القرآنية ما يلي:
1- قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} 2 فهذه الآية الكريمة تضمنت مدح المهاجرين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم صدقوا بالله وبرسوله وبما جاء به وأنهم هجروا مساكنة المشركين في أمصارهم ومجاورتهم في ديارهم فتحولوا عنهم وعن جوارهم وبلادهم إلى غيرها هجرة لما انتقل عنه إلى ما انتقل إليه ... وحاربوا في دين الله ليدخلوا أهل الكفر فيه وفيما يرضي الرب ـ جل وعلا ـ ثم وصفهم في ختام الآية أنهم يطمعون في رحمة الله إياهم لكي يدخلوا الجنة بفضله ـ سبحانه ـ ثم بين ـ تعالى ـ أنه ساتر ذنوب عباده بعفوه عنها متفضل عليهم برحمته التي وسعت كل شيء3.
__________
1ـ فتح الباري 1/16، وانظر بصائر ذوي التمييز للفيروزأبادي 5/305.
2ـ سورة البقرة آية/218.
3ـ جامع البيان 2/355، وانظر: تفسير البغوي على حاشية الخازن 1/174.

الصفحة 125