كتاب عقيدة أهل السنة في الصحابة لناصر بن علي (اسم الجزء: 1)

لا يموتون فيها ولا يخرجون منها ذلك الفوز العظيم"أ. هـ1.
وقال الإمام البغوي رحمه الله تعالى: "قوله ـ عز وجل ـ {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ} الذين هاجروا قومهم وعشيرتهم وفارقوا أوطانهم، {وَالأَنْصَارِ} أي: ومن الأنصار هم الذين نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أعدائه من أهل المدينة وآووا أصحابه {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ} قيل: بقية المهاجرين والأنصار سوى السابقين الأولين، وقيل: هم الذين سلكوا سبيلهم بالإيمان والهجرة، أو النصرة إلى يوم القيامة. وقال عطاء2: هم الذين يذكرون المهاجرين والأنصار بالترحم والدعاء، وقال أبو صخر حميد بن زياد3: أتيت محمد بن كعب القرظي فقلت له: ما قولك في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ وأردت الفتن ـ فقال: جميع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة محسنهم ومسيئهم فقلت من أين تقول هذا، فقال اقرأ قول الله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ} إلى أن قال: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} وقال: {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ} شرط في التابعين شريطة وهي أن يتبعوهم في أفعالهم الحسنة دون السيئة قال أبو صخر: فكأني لم أقرأ هذه الآية قط"أ. هـ4.
وقال العلامة ابن كثير: عند قوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ} الآية "يخبر تعالى عن رضاه عن السابقين من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان ورضاهم عنه بما أعد لهم من جنات النعيم، والنعيم المقيم ... فيا ويل من أبغضهم، أو سبهم، أو أبغض أو سب بعضهم ولا سيما
__________
1ـ جامع البيان عن تأويل آي القرآن 11/6، 9.
2ـ هو عطاء بن أسلم بن صفوان تابعي من أجلاء الفقهاء ولد في جند باليمن ونشأ بمكة فكان مفتي أهلها ومحدثهم، ولد سنة سبعة وعشرين وتوفي سنة أربعة عشرة ومائة هجرية، انظر: ترجمته في تذكرة الحفاظ 1/98، تهذيب التهذيب 7/199-203، صفوة الصفوة 2/211.
3ـ هو حميد بن زياد أبو صخر بن أبي المخارق الخراط صاحب العباء مدني سكن مصر ... صدوق يهم من السادسة، توفي سنة 89، التقريب 1/202، التهذيب 3/41.
4ـ تفسير البغوي المسمى معالم التنزيل على حاشية تفسير الخازن 3/114.

الصفحة 128