كتاب عقيدة أهل السنة في الصحابة لناصر بن علي (اسم الجزء: 1)

لن تخلف فتعمل عملاً تبتغي به وجه الله إلا ازددت به درجة ورفعة ولعلك تخلف حتى ينفع بك أقوام ويضر بك آخرون. اللهم امض لأصحابي هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم ... ". الحديث.1
فهذا الحديث اشتمل على منقبة للمهاجرين من مكة إلى المدينة وغيرها حيث دعا لهم النبي صلى الله عليه وسلم: "دعاء عاماً ومعنى: أمض لأصحابي هجرتهم أي: أتمها ولا تبطلها ولا تردهم على أعقابهم بترك هجرتهم ورجوعهم عن مستقيم حالهم المرضية".2
وقال العيني: " اللهم أمض" بقطع الهمزة يقال: أمضيت الأمر أي: أنفذته أي: تممها لهم ولا تنقصها عليهم فيرجعون عن المدينة قوله: "ولا تردهم على أعقابهم" أي: بترك هجرتهم ورجوعهم عن مستقيم حالهم المرضية فيخيب قصدهم ويسوء حالهم ويقال: لكل من رجع إلى حال دون ما كان عليه رجع على عقبيه وحار ومنه الحديث: "أعوذ بك من الحور بعد الكور ".3
والحاصل مما تقدم من الآيات والأحاديث الواردة في فضل السابقين من المهاجرين أنها اشتملت على مناقب عالية، وعلى مدح عظيم لأولئك المهاجرين الذين تركوا ديارهم وأموالهم وخرجوا مهاجرين إلى الله ورسوله لنصرة دين الإسلام الحنيف فرضي الله عنهم أجمعين ولنأت الآن إلى ما ورد من الثناء في القرآن الكريم والسنة المطهرة على الفريق الثاني من السابقين وهم أنصار الإسلام وكتيبة الإيمان من الأوس والخزرج، وقبل أن أذكر ما جاء من الثناء عليهم في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أبين معنى كلمة "الأنصار"
__________
1ـ صحيح البخاري 1/225، صحيح مسلم 3/1250-1251 واللفظ له.
2ـ انظر شرح النووي على صحيح مسلم 11/76.
3ـ عمدة القاري شرح صحيح البخاري 8/90 والحديث رواه ابن ماجه 2/1279، ورواه الترمذي في سننه 5/161، ورواه الإمام أحمد في مسنده 5/28، وعند مسلم في صحيحه 2/979 بلفظ: والحور بعد الكون "الكلمة الثانية بالنون".

الصفحة 140