كتاب عقيدة أهل السنة في الصحابة لناصر بن علي (اسم الجزء: 1)

وأن لهم في الجنة مطعماً ومشرباً هنياً كريماً لا يتغير في أجوافهم فيصير نجواً ولكنه يصير رشحاً كرشح المسك".1
قال البغوي رحمه الله تعالى في تفسيره: {وَالَّذِينَ آوَوْا} "نبي الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرين معه أي: أسكنوهم منازلهم {وَنَصَرُوا} أي: نصروهم على أعدائهم وهم الأنصار رضي الله عنهم: {أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} ". دون أقربائهم قيل: في العون والنصرة، وقال ابن عباس في الميراث وكانوا يتوارثون بالهجرة فكان المهاجرون والأنصار يتوارثون دون ذوي الأرحام وكان من آمن ولم يهاجر لا يرث من قريبه المهاجر حتى كان فتح مكة انقطعت الهجرة وتوارثوا بالأرحام حيث ما كانوا وصار ذلك منسوخاً بقوله ـ عز وجل ـ {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} أ. هـ2.
وقال الشوكاني رحمه الله تعالى مبيناً معنى الآيتين السابقتين: "ختم الله ـ سبحانه ـ هذه السورة بذكر الموالاة ليعلم كل فريق وليه الذي يستعين به وسمى ـ سبحانه ـ المهاجرين إلى المدينة بهذا الاسم لأنهم هجروا أوطانهم وفارقوها طلباً لما عند الله وإيجاباً لداعيه {وَالَّذِينَ آوَوْا} هم الأنصار والإشارة بقوله {أُولَئِكَ} إشارة إلى الموصول الأول والآخر3 ... إلى أن قال: ثم بين ـ سبحانه ـ حكماً آخر يتعلق بالمؤمنين المهاجرين المجاهدين في سبيل الله والمؤمنين الذين آووا من هاجر إليهم ونصروهم وهم الأنصار فقال: {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً} أي: الكاملون في الإيمان وليس في هذا تكرير لما قبله فإنه وارد في الثناء على هؤلاء، والأول وراد في إيجاب الموالاة والنصرة ثم أخبر ـ سبحانه ـ أن لهم منه مغفرة لذنوبهم في الآخرة ولهم رزق كريم خالص عن الكدر طيب مستلذ".أ. هـ4.
__________
1ـ جامع البيان عن تأويل آي القرآن 10/56-57.
2ـ تفسير البغوي على حاشية الخازن 3/44 والآية رقم 75 من سورة الأنفال.
3ـ فتح القدير 2/329.
4ـ فتح القدير 2/329.

الصفحة 142