كتاب عقيدة أهل السنة في الصحابة لناصر بن علي (اسم الجزء: 1)

فالآيايتان المتقدمتان اشتملتا على إثبات منقبتين عظيمتين للأنصار رضي الله عنهم وهاتان المنقبتان الإيواء والنصرة فلقد آووا النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه من أصحابه من المهاجرين، ونصروا دين الله ورسوله بمقاتلة جيوش الكفر والشرك والضلال ليدخلوهم في دين الإسلام الحق الذي ارتضاه الله لعباده ديناً.
3- أثنى الله عليهم بسبقهم إلى الإسلام مع إخوانهم المهاجرين رضي الله عنهم حيث قال: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} 1.
فالمراد بالأنصار في هذه الآية هم الذين تبوؤوا الدار والإيمان وانضوى إليهم النبي صلى الله عليه وسلم والمهاجرون2 فقد بين ـ تعالى ـ في هذه الآية أنه رضي عن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار الذين اتبعوهم بإحسان رضاء مطلقا، ورضاه ـ سبحانه ـ أكبر من نعيم الجنة ثم بين تعالى أن مصيرهم هو دخول الجنة التي تجري تحتها الأنهار الجارية التي تساق إلى سقي الجنان والحدائق الزاهرة، وأنهم خالدون في الجنة لا يبغون عنها حولا ولا يطلبون منها بدلا أنهم مهما تمنوا من نعيم أدركوه ومتى ما أرادوه وجدوه {ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} الذي حصل لهم فيه كل محبوب للنفوس، ولذة للأرواح ونعيم للقلوب وشهوة للأبدان واندفع عنهم كل محذور3 فهذا النعيم في مقدمة من يظفر به السابقون الأولون من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من مهاجرين وأنصار فهذه الآية اشتملت على منقبة عظيمة للسابقين من الأنصار رضي الله عنهم وتلك المنقبة هي سبقهم إلى الإسلام، وفوزهم برضى الملك العلام، ودخولهم ما أعد الله لهم من الجنان
__________
1ـ سورة التوبة آية/100.
2ـ انظر: أحكام القرآن لابن العربي 2/886، والجامع لأحكام القرآن 8/56.
3ـ تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان 3/136.

الصفحة 143