كتاب عقيدة أهل السنة في الصحابة لناصر بن علي (اسم الجزء: 1)

يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ} يقول تعالى ذكره: من وقاه الله شح نفسه {فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} المخلدون في الجنة والشح في كلام العرب: البخل ومنع الفضل من المال. أ.هـ1.
وقال الإمام البغوي رحمه الله تعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْأِيمَانَ} وهم الأنصار تبوؤوا الدار توطنوا الدار أي: المدينة اتخذوها دار الهجرة والإيمان {مِنْ قَبْلِهِمْ} أي: أسلموا في ديارهم وآثروا الإيمان وابتنوا المساجد قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين ونظم الآية {وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْأِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ} أي: من قبل قدوم المهاجرين عليهم وقد آمنوا لأن الإيمان ليس بمكان تبوء {يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً} حزازة وغيظاً وحسداً {مِمَّا أُوتُوا} أي: مما أعطي المهاجرين دونهم من الفيء وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم أموال بني النضير بين المهاجرين ولم يعط منها الأنصار فطابت أنفس الأنصار بذلك {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} أي: يؤثرون على إخوانهم من المهاجرين بأموالهم ومنازلهم على أنفسهم {وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} فاقة وحاجة إلى ما يؤثرون وذلك أنهم قاسموهم ديارهم وأموالهم".2
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى مبيناً معنى الآية السابقة وما تضمنته من فضل للأنصار قال تعالى مادحاً للأنصار ومبيناً فضلهم وشرفهم وكرمهم، وعدم حسدهم وإيثارهم مع الحاجة فقال تعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْأِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ} أي: سكنوا دار الهجرة من قبل المهاجرين وآمنوا قبل كثير منهم وقوله تعالى: {يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ} أي: من كرمهم وشرف أنفسهم يحبون المهاجرين ويواسونهم بأموالهم ... وقوله: {وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا} أي: ولا يجدون في أنفسهم حسداً للمهاجرين فيما فضلهم الله به من
__________
1ـ جامع البيان 20/43.
2ـ تفسير البغوي على حاشية الخازن 7/52-53.

الصفحة 146