كتاب عقيدة أهل السنة في الصحابة لناصر بن علي (اسم الجزء: 1)

3- بين عليه الصلاة والسلام في الحديث الثالث أنهم بطانته وخاصته وأنهم ألصق الناس به وأقرب إليه من غيرهم رضي الله عنهم.
وقول أنس رضي الله عنه: إن الأنصار رضي الله عنهم قالوا: "والله إن هذا لهو العجب إن سيوفنا تقطر من دماء قريش وغنائمنا ترد عليهم" وقوله في الحديث الآخر: "فكأنهم وجدوا إذ لم يصبهم ما أصاب الناس" فهذا القول حصل من أناس منهم حديثة أسنانهم للحديث الآخر الذي رواه البخاري عن أنس رضي الله عنه وفيه: "أنهم قالوا: يغفر الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي قريشاً ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم قال أنس فحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمقالتهم وأرسل إلى الأنصار فجمعهم في قبة من أدم1 ولم يدع معهم غيرهم فلما اجتمعوا قام النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ما حديث بلغني عنكم؟ " فقال فقهاء الأنصار أما رؤساؤنا يا رسول الله فلم يقولوا شيئاً وأما ناس منا حديثة أسنانهم فقالوا: يغفر الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي قريشاً ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم" الحديث2.
وفيما تقدم دلالة على أن من طلب حقه من الدنيا لا يعتب عليه وفعل بعض الأنصار ذلك لا ينقص قدرهم ولا ينزل من مكانتهم العالية فلهم رضي الله عنهم مناقب رفيعة قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: عند شرحه لقول أبي هريرة في الحديث المتقدم بعد قوله عليه الصلاة والسلام: "لولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار" فقال أبو هريرة: ما ظلم بابي وأمي ـ "أي: ما تعدى في القول المذكور ولا أعطاهم فوق حقهم ثم بين ذلك بقوله: "آووه ونصروه": قوله: "أو كلمة أخرى" لعل المراد وواسوه وواسوا أصحابه بأموالهم وقوله "لسلكت في وادي الأنصار" أراد حسن موافقتهم له لما شاهده من حسن
__________
1ـ قبة من أدم: أي: في خيمة من جلد.
2ـ صحيح البخاري 3/69-70.

الصفحة 150