كتاب عقيدة أهل السنة في الصحابة لناصر بن علي (اسم الجزء: 1)

الجوار والوفاء بالعهد وليس المراد بأنه يصير تابعاً لهم بل هو المتبوع المطاع المفترض الطاعة على كل مؤمن"1.
ونقل الحافظ رحمه الله تعالى عن الخطابي أنه قال بعد قوله عليه الصلاة والسلام في حديث عبد الله بن زيد بن عاصم المتقدم "لولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار" أراد بهذا الكلام تألف الأنصار واستطابة نفوسهم والثناء عليهم في دينهم حتى رضي أن يكون واحداً منهم لولا ما يمنعه من الهجرة التي لا يجوز تبدليها ونسبة الإنسان تقع على وجوه منها الولادة والبلادية والاعتقادية والصناعية ولا شك أنه لم يرد الانتقال عن نسب آبائه لأنه ممتنع قطعاً وأما الاعتقادي فلا معنى للانتقال فيه فلم يبق إلا القسمان الأخيران وكانت المدينة دار الأنصار والهجرة إليها أمراً واجباً أي: لولا النسبة الهجرية لا يسعني تركها لانتسبت إلى داركم. وقال القرطبي: "معناه لتسميت باسمكم وانتسبت إليكم كما كانوا ينتسبون بالحلف، لكن خصوصية الهجرة وتربيتها فمنعت من ذلك وهي أعلى وأشرف فلا تتبدل بغيرها، وقيل: معناه لكنت من الأنصار في الأحكام والعداد، وقيل: التقدير لولا أن ثواب الهجرة أعظم لاخترت أن يكون ثوابي ثواب الأنصار ولم يرد ظاهر النسب أصلاً"أ. هـ2.
وقال صديق حسن خان عند شرحه لقوله صلى الله عليه وسلم: "لولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار" فيه إشارة إلى ترجيح الأنصار بحسن الجوار والوفاء بالعهد لا وجوب متابعته صلى الله عليه وسلم إياهم إذ هو صلى الله عليه وسلم المتبوع المطاع لا التابع المطيع فما أكثر تواضعه صلى الله عليه وسلم"أ. هـ3.
وقال أبو بكر بن العربي في شرحه لقوله صلى الله عليه وسلم: "لو سلك الناس وادياً أو شعباً
__________
1ـ فتح الباري 7/112.
2ـ فتح الباري 8/51.
3ـ عون الباري لحل أدلة صحيح البخاري 4/532.

الصفحة 151