كتاب عقيدة أهل السنة في الصحابة لناصر بن علي (اسم الجزء: 1)

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: قوله: "ذكرنا مجلس النبي صلى الله عليه وسلم" أي: الذي كانوا يجلسونه معه وكان ذلك في مرض النبي صلى الله عليه وسلم فخشوا أن يموت من مرضه فيفقدوا مجلسه فبكوا حزناً على فوات ذلك ... قوله: "أوصيكم بالأنصار" استنبط منه بعض الأئمة أن الخلافة لا تكون في الأنصار لأن من فيهم الخلافة يوصون ولا يوصى بهم ولا دلالة فيه إذ لا مانع من ذلك قوله: "كرشي وعيبتي" أي: بطانتي وخاصتي قال القزاز: ضرب المثل بالكرش لأنه مستقر غذاء الحيوان الذي يكون فيه نماؤه ويقال: لفلان كرش منثورة أي: عيال كثيرة، والعيبة ما يحرز فيه الرجل نفيس ما عنده يريد أنه موضع سره وأمانته قال ابن دريد: هذا من كلامه صلى الله عليه وسلم الموجز الذي لم يسبق إليه، وقال غيره: الكرش بمنزلة المعدة للإنسان والعيبة مستودع الثياب والأول أمر باطن والثاني أمر ظاهر فكأنه ضرب المثل بهما في إرادة اختصاصهم بأموره الباطنية والظاهرية والأول أولى وكل من الأمرين مستودع لما يخفى فيه قوله: "وقد قضوا الذي عليهم وبقي الذي لهم" ليلة العقبة من المبايعة فإنهم بايعوا على أن يأووا النبي صلى الله عليه وسلم وينصروه على أن لهم الجنة فوفوا بذلك"أ. هـ1.
7- ومن مناقبهم رضي الله عنهم: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بخيرية دورهم رضي الله عنهم ولكن هذه الخيرية ما ثبتت لهذه الدور إلا بعد ثبوتها لأهلها الذين آووا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونصروا دين الإسلام ورفعوا رايته فرضوان الله أجمعين.
روى الشيخان بإسنادهما إلى أبي أسيد الساعدي رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " خير دور الأنصار بني النجار، ثم بنو عبد الأشهل ثم بنو الحارث بن الخزرج، ثم بنو ساعدة، وفي كل دور الأنصار خير" فقال سعد: ما أرى النبي صلى الله عليه وسلم إلا قد فضل علينا فقيل: قد فضلكم على كثير"2.
__________
1ـ فتح الباري 7/121- 122.
2ـ صحيح البخاري 2/311، صحيح مسلم 4/1949.

الصفحة 156