كتاب عقيدة أهل السنة في الصحابة لناصر بن علي (اسم الجزء: 1)

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى عند الآية: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ} أي: الله كافيك ومن اتبعك من المؤمنين والصحابة أفضل من اتبعه من المؤمنين وأولهم"أ. هـ1.
وقد نقل القرطبي رحمه الله تعالى: عن ابن الكلبي أن قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} إنها نزلت بالبيداء في غزوة بدر قبل القتال.2
وعلى هذا يكون المراد بالذين اتبعوه هم البدريون الذين كان عددهم ثلاثمائة وتسعة عشر رجلاً كما تقدم.
4- قال تعالى: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} 3.
فالمقصود بالمؤمنين في هذه الآية هم الذين شهدوا بدراً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقاتلوا معه أعداء دينه من كفار قريش فلقد شهد الله لهم في هذه الآية بأنهم مؤمنون وأكرم بها من شهادة صادرة عمن يعلم السر وأخفى فهو ـ سبحانه ـ علم حقيقة أنفسهم وما انطوت عليه من تحقيق الإيمان الصادق، فأخبر ـ سبحانه ـ بما استقر في نفوسهم الزكية من حقيقة الإيمان والبلاء الحسن الذي أبلى به أولئك المؤمنون هو ما أنعم الله به عليهم من الظفر بأعدائهم وغنيمتهم ما معهم، وإثبات ما لهم من الأجر على أعمالهم وجهادهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك هو البلاء الحسن.
ذكر ابن جرير رحمه الله تعالى عن ابن إسحاق أنه قال في قوله تعالى: {وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً} أي: ليعرف المؤمنين من نعمه عليهم في إظهارهم على عدوهم مع كثرة عددهم وقلة عددهم ليعرفوا بذلك حقه وليشكروا بذلك نعمته"أ. هـ4.
__________
1ـ منهاج السنة 1/156، وانظر: زاد المعاد 1/35-36.
2ـ الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 8/43.
3ـ سورة الأنفال آية/17.
4ـ جامع البيان 9/206.

الصفحة 170