كتاب عقيدة أهل السنة في الصحابة لناصر بن علي (اسم الجزء: 1)

1- روى الإمام البخاري بإسناده إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه: قال: "بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا مرثد والزبير، وكلنا فارس، قال: "انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ1 فإن بها امرأة من المشركين معها كتاب من حاطب ابن أبي بلتعة إلى المشركين" فأدركناها تسير على بعير لها حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: الكتاب فقالت: ما معي كتاب، وأنخناها، فلتمسنا فلم نر كتاباً فقلنا: ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم لتخرجن الكتاب، أو لنجردنك فلما رأت الجد أهوت إلى حاجزتها، وهي محتجزة بكساء ـ فأخرجته، فانطلقنا بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر: يا رسول الله قد خان الله ورسوله والمؤمنين فدعني فلأضرب عنقه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما حملك" قال حاطب: والله ما بي أن لا أكون مؤمناً بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم أردت أن تكون لي عند القوم يد يدفع الله بها عن أهلي ومالي وليس أحد من أصحابك إلا له هناك من عشيرته من يدفع الله به عن أهله وماله فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "صدق ولا تقولوا له إلا خيراً" فقال عمر: إنه قد خان الله ورسوله والمؤمنين فدعني فلأضرب عنقه فقال: "لعل الله اطلع على أهل بدر فقالوا اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة، أو فقد غفرت لكم". فدمعت عينا عمر وقال: الله ورسوله أعلم.2.
فلله ما أعظم هذا التكريم لتلك الفئة المؤمنة من البدريين، وما أعظم فضلها عند المولى ـ سبحانه وتعالى ـ.
قال الحافظ ابن حجر عند شرحه لهذا الحديث: "ووقع الخبر بألفاظ منها: "فقد غفرت لكم" ومنها: "فقد وجبت لكم الجنة" ومنها: "لعل الله اطلع" لكن قال العلماء: إن الترجي في كلام الله وكلام رسوله للوقوع، ثم قال: وقد استشكل قوله: "اعملوا ما شئتم" فإن ظاهره أنه للإباحة وهو خلاف
__________
1ـ روضة خاخ: موضع بين مكة والمدينة بقرب المدينة شرح النووي على صحيح مسلم 16/55، وانظر: معجم البلدان لياقوت الحموي 2/335.
2ـ صحيح البخاري 3/7، صحيح مسلم 4/1941.

الصفحة 175