كتاب عقيدة أهل السنة في الصحابة لناصر بن علي (اسم الجزء: 1)

4- وروى البخاري رحمه الله بإسناده أيضاً إلى أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "أصيب ـ حارثة ـ1 يوم بدر وهو غلام فجاءت أمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله قد عرفت منزلة حارثة مني، فإن يكن في الجنة أصبر وأحتسب وإن تكن الأخرى تر ما أصنع فقال: "ويحك ـ أو هبلت ـ أو جنة هي؟ إنها جنان كثيرة وإنه في جنة الفردوس" 2. ورواه بلفظ آخر بإسناده إلى أنس رضي الله عنه أن أم الربيع بنت البراء وهي أم حارثة بن سراقة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا نبي الله ألا تحدثني عن حارثة ـ وكان قتل يوم بدر أصابه سهم غرب3 فإن كان في الجنة صبرت وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء قال: "يا أم حارثة إنها جنان في الجنة وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى" 4.
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى بعد ذكره حديث حارثة هذا: "وفي هذا تنبيه عظيم على فضل أهل بدر فإن هذا لم يكن في بحيحة القتال ولا في حومة الوغى بل كان من النظارة من بعيد، وإنما أصابه سهم غرب وهو يشرب من الحوض ومع هذا أصاب بهذا الموقف الفردوس ـ التي هي أعلا الجنان، وأوسط الجنة ومنه تفجر أنهار الجنة التي أمر الشارع أمته إذا سألوا الله الجنة ـ أن يسألوه إياها، فإذا كان هذا حال هذا فما ظنك بمن كان واقفاً في نحر العدو وعدوهم على ثلاثة أضعافهم عدداً وعُدداً"أ. هـ5.
5- وجاء في مجمع الزوائد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً من الأنصار عمي فبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد اجتمع إليه قومه فتغيب رجل
__________
1ـ ستأتي ترجمته في ص/710 من هذه الرسالة.
2ـ صحيح البخاري 3/7.
3ـ هو الذي: لا يعلم راميه، أو لا يعرف من أين أتى، أو جاء دون قصد من راميه. فتح الباري 6/27.
4ـ صحيح البخاري 2/139.
5ـ البداية والنهاية 3/361.

الصفحة 178