كتاب عقيدة أهل السنة في الصحابة لناصر بن علي (اسم الجزء: 1)

الحديث" هذا فيه مبالغة في إكرامهم وتنعيمهم إذ قد أعطاهم الله ما لا يخطر على قلب بشر ثم رغبهم في سؤال الزيادة فلم يجدوا مزيداً على ما أعطاهم فسألوه حين رأوه وأنه لا بد من سؤال أن يرجع أرواحهم إلى أجسادهم ليجاهدوا ويبذلوا أنفسهم في سبيل الله تعالى ويستلذوا بالقتل في سبيله"1.
4. وروى الإمام الترمذي بإسناده إلى طلحة بن خراش قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "مالي أراك منكسراً؟ " قلت يا رسول الله استشهد أبي وترك عيالا وديناً قال: "ألا أبشرك بما لقي الله به أباك" قال: بلى يا رسول الله قال: "ما كلم الله أحداً إلا من وراء حجابه وأحيا أباك فكلمه كفاحاً 2 فقال: تمن علي أعطيك قال: يا رب تحييني فأقتل فيك ثانية قال الرب تبارك وتعالى: إنه قد سبق مني أنهم لا يرجعون" قال: وأنزلت هذه الآية {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً} الآية ثم قال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه ولا نعرفه إلا من حديث موسى بن إبراهيم ورواه علي بن عبد الله المديني وغير واحد من كبار أهل الحديث هكذا عن موسى بن إبراهيم وقد روى عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر شيئاً من هذا"3.
قال الزرقاني شارحاً لقوله في الحديث: "ما كلم الله أحداً قط يعني لم يكلم أحداً غير من قام الدليل على تكليمهم بلا واسطة كالمصطفى عليه الصلاة والسلام وموسى عليه السلام، أو المراد من هؤلاء الشهداء كما يرشد إليه السياق"أ. هـ4.
وأخرج ابن جرير بإسناده إلى أنس أن سبب نزول الآية قتلى بئر معونة.
وقال العلامة الشوكاني: "وعلى كل حال فالآية باعتبار عموم لفظها يدخل تحتها
__________
1ـ شرح النووي على صحيح مسلم 13/33.
2ـ كفاحاً: أي مواجهة ليس بينهما حجاب ولا رسول النهاية 4/185.
3ـ سنن الترمذي مع شرحه تحفة الأحوذي 8/360، الرد على الجهمية للدارمي ص/86.
4ـ شرح المواهب اللدنية 2/53.

الصفحة 196