كتاب عقيدة أهل السنة في الصحابة لناصر بن علي (اسم الجزء: 1)

إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً} 1.
في هذه الآية شهادة لهم بحقيقة الإيمان الكامل وإكرامهم بإنزال السكون والطمأنينة في قلوبهم إلى الإيمان بالله ورسوله وإلى الحق الذي بعث الله به نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم ليزدادوا بتصديقهم بما حدد الله من الفرائض التي ألزمهموها التي لم تكن لهم لازمة {إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ} ثم أخبر تعالى أنه له جنود السموات والأرض ينتقم بهم ممن يشاء من أعداء وختم الآية بأنه ـ سبحانه ـ لم يزل ذا علم بما هو كائن قبل كونه، وما خلقه عاملون حكيماً في تدبيره"2.
قال ابن كثير: "يقول تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ} أي: الطمأنينة قاله ابن عباس رضي الله عنهما وعنه الرحمة وقال قتادة: الوقار في قلوب المؤمنين، وهم الصحابة رضي الله عنهم يوم الحديبية الذين استجابوا لله ولرسوله وانقادوا لحكم الله ورسوله فلما اطمأنت قلوبهم بذلك واستقرت زادهم إيماناً مع إيمانهم وقد استدل بها البخاري وغيره من الأئمة على تفاضل الإيمان في القلوب"أ. هـ3.
فالآية تضمنت مدحاً عظيماً وثناء بالغاً على أهل بيعة الرضوان حيث أكرمهم الله بإنزال السكينة في قلوبهم فكان ذلك من ذلك من أسباب زيادة الإيمان فيها كما تضمنت الشهادة لهم من الله بالإيمان الكامل وتحقيق شرائعه وذلك أنهم رضي الله عنهم كلما ورد عليهم أمر أو نهي آمنوا به وعملوا بمقتضاه طائعين خاضعين لحكم الله رب العالمين.
__________
= عنده نفسه فهو يسكن سكوناً وسكينة، مثل قولك: عزم فلان هذا الأمر عزماً وعزيمة وقضى الحاكم بين القوم قضاء وقضية جامع البيان 2/613، وانظر: النهاية 2/384-385، واللسان 13/213.
1ـ سورة الفتح آية/4.
2ـ انظر: جامع البيان 26/71-72.
3ـ تفسير القرآن العظيم 6/330، وانظر تفسير البغوي مع الخازن 6/158، فتح القدير للشوكاني 5/45.

الصفحة 203