كتاب عقيدة أهل السنة في الصحابة لناصر بن علي (اسم الجزء: 1)

متعددة بمعنى أنه كان يرى الرأي فيتنزل القرآن موافقاً لما رآه رضي الله عنه وأرضاه. فقد روى البخاري رحمه الله تعالى بإسناده إلى أنس رضي الله عنه قال: قال عمر: "وافقت ربي في ثلاث: فقلت: يا رسول الله لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى فنزلت: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً} وآية الحجاب قلت: يا رسول الله لو أمرت نساءك يحتجبن فإنه يكلمهن البر والفاجر فنزلت آية الحجاب1 واجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلم في الغيرة عليه فقلت لهن: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِنْكُنَّ} فنزلت الآية2.
وعند مسلم بلفظ: "وافقت ربي في ثلاث في مقام إبراهيم وفي الحجاب وفي أسارى بدر"3.
ووجه موافقته في أسارى بدر أنه لما جيء بهم استشار النبي صلى الله عليه وسلم الناس فيهم فقال: "إن الله قد أمكنكم منهم" فقام عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله أضرب أعناقهم فأعرض عنه فقام أبو بكر فقال: نرى أن تعفو عنهم وأن تقبل منهم الفداء فعفا عنهم وقبل منهم الفداء فعفا عنهم فأنزل الله: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ 4 فِي الأَرْضِ} إلخ الآيات الثلاث وكانت موافقة لرأي عمر رضي الله عنه.
وروى الإمام أحمد وغيره بإسناده إلى عمر رضي الله عنه قال: لما نزل تحريم الخمر قال: اللهم بين لنا في الخمر بياناً شافياً فنزلت هذه الآية التي في سورة البقرة: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ} قال: فدعي عمر
__________
1ـ هي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} الآية رقم/53 من سورة الأحزاب.
2ـ صحيح البخاري مع الفتح 1/504.
3ـ صحيح مسلم 4/1865.
4ـ انظر جامع البيان للطبري 10/43-44، تفسير ابن كثير 3/345، لباب النقول في أسباب النزول ص/114.

الصفحة 253