كتاب عقيدة أهل السنة في الصحابة لناصر بن علي (اسم الجزء: 1)

عمر رضي الله عنهما قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة ـ مؤتة ـ زيد بن حارثة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن قتل زيد فجعفر، وإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة" قال عبد الله: كنت فيهم في تلك الغزوة فالتمسنا جعفر بن أبي طالب فوجدناه في القتلى ووجدنا ما في جسده بضعاً وتسعين من طعنة ورمية.
وروى أيضاً بإسناده إلى نافع أن ابن عمر أخبره أنه وقف على جعفر يومئذ وهو قتيل فعددت به خمسين بين طعنة وضربة ليس منها شيء في دبره يعني في ظهره1.
هذان الحديثان ظاهرهما التعارض "ويجمع بأن العدد قد لا يكون له مفهوم أو بأن الزيادة باعتبار ما وجد فيه من رمي السهام، أو الخمسين مقيدة بكونها ليس فيها شيء في دبره أي: في ظهره، فقد يكون الباقي في بقية جسده ولا يستلزم ذلك أنه ولى دبره، وهو محمول على أن الرمي إنما جاء من جهة قفاه أو جانبيه ... ووقع في رواية البيهقي في "الدلائل" بضعاً وتسعين أو بضعاً وسبعين، وأشار إلى أن بضعاً وتسعين أثبت في قوله "ليس فيها شيء في دبره" بيان فرط شجاعة جعفر وإقدامه"أ. هـ2.
7- ومن مناقبه إخبار النبي صلى الله عليه وسلم أنه مات شهيداً في سبيل الله تعالى وشهد له بذلك.
فقد روى الإمام أحمد بإسناده إلى أبي قتادة فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيش الأمراء وقال: "عليكم زيد بن حارثة فإن أصيب زيد فجعفر فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة الأنصاري" فوثب جعفر فقال: بأبي أنت يا نبي الله وأمي ما كنت أرهب أن تستعمل علي زيداً قال: "امضوا فإنك لا تدري أي ذلك خير" قال: فانطلق الجيش فلبسوا ما شاء الله ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد المنبر وأمر أن ينادى الصلاة جامعة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثاب خبر أو
__________
1ـ الحديثان في صحيح البخاري 3/58.
2ـ فتح الباري 7/512، وانظر البداية والنهاية لابن كثير 4/274.

الصفحة 392