كتاب عقيدة أهل السنة في الصحابة لناصر بن علي (اسم الجزء: 1)

بهذه الصفات دخل معهم في المدح: ومن لم يتصف بذلك أشبه أهل الكتاب الذين ذمهم الله بقوله: {كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} 1
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} 2
هذه الآية الكريمة، الخطاب فيها موجه لعباده المؤمنين إلى أن تقوم الساعة وهي تتضمن وعداً من الله ـ عز وجل ـ لهذه الأمة وهذا الوعد هو أن من ارتد عن دين الإسلام فإنه يأتي ـ سبحانه ـ بقوم ينصرون هذا الدين وبين ـ سبحانه ـ أنه يحبهم ويحبونه وأن فيهم رقة وليناً لإخوانهم المؤمنين، كما أنهم متصفون بالغلظة والشدة على الكافرين، وأنهم يجاهدون في سبيل الله من كفر بهذا الدين ولا يخافون في الحق من لوم اللائم، وهذه الصفات الطيبة وإن كانت عامة في جميع المؤمنين إلا أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي مقدمتهم ـ الصديق أبو بكر ـ هم أقعد وأحق وأولى بهذه الصفات من كل مؤمن يأتي بعدهم فهم أول من يتناوله الخطاب ويدخل فيه دخولاً أولياً.
قال ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى: يقول تعالى ذكره للمؤمنين بالله وبرسوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} أي: صدقوا الله ورسوله وأقروا بما جاءهم به نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم {مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ} يقول: من يرجع منكم عن دينه الحق الذي هو عليه اليوم فيبدله ويغيره بدخوله في الكفر؛ إما في اليهودية أو النصرانية، أو غير ذلك من صنوف الكفر فلن يضر الله شيئاً وسيأتي الله بقوم
__________
1ـ المصدر السابق 2/98 والآية رقم 79 من سورة المائدة.
2ـ سورة المائدة آية / 54.

الصفحة 62