كتاب عقيدة أهل السنة في الصحابة لناصر بن علي (اسم الجزء: 1)

من مهاجرين وأنصار رضي الله عنهم أجمعين.
وقال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} 1.
هذه الآية الكريمة اشتملت على أبلغ الثناء من الله رب العالمين على السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان حيث أخبر تعالى أنه رضي عنهم ورضوا عنه بما أكرمهم الله به من جنات النعيم والنعيم المقيم فيها الذي لا يفنى ولا يبيد، فقد خسر نفسه بعد هذا من ملأ قلبه ببغضهم واستعمل لسانه في سبهم والوقيعة فيهم كالطائفة المخذولة من الرافضة التي عميت عن ثناء الله عليهم في كتابه العزيز بمثل هذا الثناء وغيره فأخذوا يعادونهم ويبغضونهم ويسبونهم عياذاً بالله وهذا يدل على أن قلوبهم انتكست وعقولهم فسدت وإلا فأين هم من الإيمان بالقرآن إذ يسبون من رضي الله عنهم ورضوا عنه؟. وقد عصم الله أهل السنة والجماعة مما وقع فيه الرافضة فلم يقولوا في أسلاف هذه الأمة منكراً، أو يطعنوا فيهم طعناً، فلم يقولوا في المهاجرين والأنصار وأعلام الدين ولا في أهل بدر وأحد وأهل بيعة الرضوان إلا أحسن المقال.
قال تعالى: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} 2.
وفي هذه الآية المباركة ثناء آخر من الله تعالى على النبي الكريم وصحبه الأكرمين من المهاجرين والأنصار ألا وهو إخباره تعالى أنه من لطفه وإحسانه أن تاب عليهم فغفر لهم الزلات ووفر لهم الحسنات ورقاهم إلى أعلى الدرجات وذلك بسبب قيامهم بالأعمال الصعبة الشاقة ولهذا قال: {الَّذِينَ
__________
1ـ سورة التوبة آية / 100.
2ـ سورة التوبة آية / 117.

الصفحة 67