كتاب عقيدة أهل السنة في الصحابة لناصر بن علي (اسم الجزء: 1)

صلى الله عليه وسلم واعلموا أيها المؤمنون بالله ورسوله {أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ} فاتقوا الله أن تقولوا الباطل، وتفتروا الكذب فإن الله يخبره أخباركم ويعرفه أنباءكم ويقومه على الصواب في أموره وقوله: {لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ} يقول تعالى ذكره: لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل في الأمور بآرائكم ويقبل منكم ما تقولون له فيطيعكم {لَعَنِتُّمْ} يقول: لنالكم عنت يعني الشدة والمشقة في كثير من الأمور بطاعته إياكم لو أطاعكم لأنه كان يخطئ في أفعاله كما لو قبل من الوليد بن عقبة قوله في بني المصطلق: إنهم قد ارتدوا، ومنعوا الصدقة وجمعوا الجموع لغزو المسلمين فغزاهم فقتل منهم، وأصاب من دمائهم وأموالهم كان قد قتل، وقتلتم من لا يحل له ولا لكم قتله وأخذ وأخذتم من المال ما لا يحل له ولكم أخذه من أموال قوم مسلمين فنالكم من الله بذلك عنت {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الأِيمَانَ} بالله ورسوله فأنتم تطيعون رسول الله، وتأتمون به فيقيكم الله بذلك من العنت ما لو لم تطيعوه وتتبعوه وكان يطيعكم لنالكم وأصابكم وقوله: {وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ} يقول: وحسن الإيمان في قلوبكم فآمنتم {وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ} بالله {وَالْفُسُوقَ} يعني الكذب {وَالْعِصْيَانَ} يعني ركوب ما نهى الله عنه في خلاف أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وتضييع ما أمر الله به {أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ} يقول: هؤلاء الذين حبب الله إليهم الإيمان، وزينه في قلوبهم، وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون السالكون طريق الحق"أ. هـ1.
وقال الحافظ ابن كثير: "وقوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ} أي: اعلموا أن بين أظهركم رسول الله فعظموه ووقروه وتأدبوا معه وانقادوا لأمره، فإنه أعلم بمصالحكم وأشفق عليكم منكم، ورأيه فيكم أتم من رأيكم لأنفسكم كما قال ـ تبارك وتعالى ـ {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ
__________
1ـ جامع البيان 26/125-126

الصفحة 77