كتاب عقيدة أهل السنة في الصحابة لناصر بن علي (اسم الجزء: 1)

كان قبل فتح مكة عظيماً لشدة لشدة الحاجة إليه وقلة المعتنى به بخلاف ما وقع بع ذلك لأن المسلمين كثروا بعد الفتح ودخل الناس في دين الله أفواجاً فإنه لا يقع ذلك الموقع المتقدم"أ. هـ1.
فالذي يستفاد من كلام هؤلاء الأئمة الذين قدمنا نقولهم أن الصحابة لا يدركهم أحد في فضلهم وعملهم ورضي الله عنهم أجمعين بل إن القليل من عملهم لا يوازيه عمل غيرهم مهما بلغ من الكثرة ومهما صاحبه من إخلاص وصدق ويقين وإيمان وذلك فضله تعالى يؤتيه من يشاء. روى ابن بطة بالإسناد الصحيح كما في منهاج السنة لشيخ الإسلام ابن تيمية أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: لا تسبوا أصحاب محمد فلمقام أحدهم ساعة مع النبي صلى الله عليه وسلم خير من عمل أحدكم أربعين سنة " وفي رواية وكيع خير من عبادة أحدكم عمره".2
وروى أبو داود بإسناده إلى سعيد بن زيد رضي الله عنه أنه قال بعد أن ذكر العشرة المبشرين بالجنة "لمشهد رجل منهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يغبر فيه وجهه خير من عمل أحدكم عمره ولو عمر عمر نوح"3 فسعيد بن زيد رضي الله عنه يريد بهذا عموم الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.
8) ومن الأحاديث الدالة على فضلهم وعلو منزلتهم أن النبي صلى الله عليه وسلم بشر من رآه وآمن به واتبعه وصدقه أن له طوبى والصحابة رضي الله عنهم حازوا قصب السبق في هذا على كل أحد أتى بعدهم فقد روى البزار والطبراني من حديث أبي عبد الرحمن الجهني قال: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم جلوس إذ طلع راكبان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كنديان4 مذحجيان5 حتى أتياه فإذا رجلان من مذحج
__________
1ـ فتح الباري 7/34، وانظر: عون المعبود شرح سنن أبي داود 12/413.
2ـ منهاج السنة 1/154.
3ـ سنن أبي داود 2/516.
4ـ كندة: بالكسر مخلاف كندة باليمن اسم لقبيلة. معجم البلدان 4/482.
5ـ مذحج: قبيلة من قبائل العرب وهم: ولد أدد بن زيد بن يشجب مرة أنظر: معجم البلدان 5/88.

الصفحة 90