كتاب الروح - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

عاصمًا الجحدري (¬١) في منامي بعد موته بسنتين، فقلت: أليس قد متَّ؟ قال: بلى. قلت: فأين أنت؟ قال: أنا والله في روضة من رياض الجنة، أنا ونفرٌ من أصحابي، نجتمع كلَّ ليلةِ جمعةٍ وصبيحتها إلى بكر بن عبد الله المُزَنيِّ، فنتلقَّى أخباركم. قال: قلت: أجسادُكم (¬٢) أم أرواحكم؟ قال: هيهات، بَليتِ الأجسام، وإنما تتلاقى الأرواح. قال: قلت: فهل تعلمون بزيارتنا إياكم؟ قال: نعم، نعلم بها عشيَّةَ الجمعة (¬٣) ويومَ الجمعة كلَّه، ويوم السبت إلى طلوع الشمس. قال: قلت: فكيف ذلك دون الأيام كلِّها؟ قال: لِفَضلِ يوم الجمعة وعظمتهِ (¬٤).
وحدثنا محمد بن الحسين، حدثني بكر بن محمد (¬٥)، حدثنا جسر (¬٦) القصاب قال: كنت أغدو مع محمد بن واسع في كل غداةِ سبتٍ حتى نأتي الجَبَّان (¬٧)، فنقف على القبور، فنسلِّم عليهم، وندعو لهم، ثم ننصرف. فقلت ذات يوم: لو صيَّرتُ هذا اليوم يومَ الاثنين! قال: بلغني أنَّ الموتى يعلمون بزُوَّارهم يوم الجمعة، ويومًا قبلها، ويومًا بعدها (¬٨).
---------------
(¬١) في (ز): "رأيت رجلًا من أصحابي".
(¬٢) في (ط): "أجسامكم"، وأشير في الحاشية إلى ما في غيرها.
(¬٣) (ط): "ليلة الجمعة".
(¬٤) أخرجه ابن أبي الدنيا في المنامات (٥٨). وأورده ابن رجب في أهوال القبور (٨٣).
(¬٥) (ز): "بشر بن محمد".
(¬٦) في (أ، ق، ز، غ): "حسن". وفي (ب، ط، ج): "جبير". وكلاهما تصحيف. وهو جسر بن فرقد القصاب، أبو جعفر، بصري. انظر: لسان الميزان (٢/ ١٠٤).
(¬٧) الجبّان والجبّانة: المقبرة.
(¬٨) أورده ابن رجب في أهوال القبور (٨٤) عن ابن أبي الدنيا.

الصفحة 10