كتاب الروح - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

فصل
وأما (¬١) المسألة الخامسة
وهي أنّ الأرواحَ، بعد مفارقة الأبدان إذا تجرَّدت، بأيِّ شيء يتميَّز بعضُها من بعض، حتى تتعارفَ وتتلاقى؟ وهل تَشَكَّلُ (¬٢) إذا تجردتْ بشكل بدنها الذي كانت فيه وتلبس صورتَه، أم كيف يكون حالُها؟
فهذه (¬٣) مسألةٌ لا تكاد تجد من تكلَّم فيها، ولا تظفرُ فيها من كتب الناس بطائلٍ ولا غير طائل، ولا سيّما على (¬٤) أصول من يقول بأنها مجرّدةٌ عن المادة وعلائقها، وليست بداخل العالم ولا خارجه، ولا لها (¬٥) شكلٌ ولا قدرٌ ولا شخصٌ؛ فهذا السؤال على أصولهم مما لا جوابَ لهم عنه (¬٦).
وكذلك من يقول: هي عَرضٌ من أعراض البدن، فتميُّزها عن غيرها مشروطٌ بقيامها (¬٧) ببدنها. فلا تميُّزَ (¬٨) لها بعد الموت، بل لا وجودَ لها على أصولهم، بل تعدمُ وتبطل باضمحلال [٢٤ أ] البدن كما تبطل سائر صفات
---------------
(¬١) «فصل وأما» لم ترد في (ن). وفي (ز) لم ترد «وأما».
(¬٢) ما عدا (أ، ق): «تتشكل».
(¬٣) (ن): «وهذه».
(¬٤) «فيها ... على» ساقط من (ب).
(¬٥) «لها» ساقط من الأصل.
(¬٦) ستأتي الأقوال في حقيقة الروح في المسألة التاسعة عشرة.
(¬٧) (ط): «ببقائها».
(¬٨) كذا في (أ، غ). وفي (ق): «تمييز»، وفي غيرها: «ولا تميز».

الصفحة 107