كتاب الروح - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
إسماعَ الأرواح بعد الموت إسماعَ توبيخٍ وتقريع، بواسطة تعلّقها بالأبدان في وقت ما، فهذا غير الإسماع المنفي (¬١). والله أعلم.
وحقيقةُ المعنى: إنك لا تستطيع أن تُسمِعَ من لم يشأ (¬٢) الله أن يُسمعَه. إن أنت إلا نذير، أي: إنما جعل الله لك الاستطاعةَ على الإنذار الذي كلَّفك إياه، لا على إسماع من لم يشأ الله إسماعَه.
وأما قوله: إن الحديث لا يصحُّ لتفرُّدِ المِنهال بن عمرو وحده به (¬٣)، وليس بالقوي؛ فهذا من مجازفته رحمه الله (¬٤). فالحديث صحيحٌ، لا شكَّ فيه. وقد رواه عن البراء بن عازب جماعة غير زاذان، منهم: عَدي بن ثابت، ومحمدُ بن عقبة، ومجاهد.
قال الحافظ أبو عبد الله بن منده في كتاب «الروح والنفس» (¬٥): أخبرنا محمد بن يعقوب بن يوسف، ثنا محمد بن إسحاق الصغاني (¬٦)، أنا أبو النضر هاشمُ بن القاسم، ثنا عيسى بن المسيب، عن عَدِي بن ثابت، عن
---------------
(¬١) وانظر: مجموع الفتاوى (٢٤/ ٣٦٤).
(¬٢) (أ، غ): «لو يشاء».
(¬٣) «به» من (ط).
(¬٤) سيأتي الردّ على تضعيف المنهال.
(¬٥) وقد نقله منه شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (٥/ ٤٤٢ ــ ٤٤٤).
(¬٦) في جميع النسخ الخطية والمطبوعة: «الصفار». وهو تحريف. والصواب ما أثبتنا من الفتاوى. وقد ولد محمد بن إسحاق الصفار سنة ٢٨٩، وتوفي سنة ٣٧١. (تاريخ بغداد ١/ ٢٦٠، سير أعلام النبلاء ١٦/ ٢٩٩). وقد توفي محمد بن يعقوب بن يوسف وهو أبو العباس الأصم سنة ٢٧٧، فكيف يحدث عن الصفار؟