كتاب الروح - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

فإذا صُعِد بها إلى السماء شيَّعها مُقرَّبو كلِّ سماء حتى تُوضَع بين يدي الله عزَّ وجلَّ عند العرش، فيُخرَج عملُها من عِلِّيين، فيقول الله للمقرَّبين: اشهدوا أنّي قد غفرتُ لصاحب هذا العمل. ويُختَم كتابه، فيُرَدُّ (¬١) في عِلِّيين، فيقول (¬٢) الله عز وجل: رُدُّوا روحَ عبدي إلى الأرض، فإنّي وعدتُهم أن أردَّهم فيها». ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [طه: ٥٥].
فإذا وُضِع المؤمن في لحده (¬٣) فُتح له بابٌ عند رجليه إلى الجنة، فيقال له: انظر إلى ما أعدَّ الله لك من الثواب! ويُفتح له بابٌ عند رأسه إلى النار، فيقال له: انظر ماذا صرف الله عنك من العذاب! ثم يقال له (¬٤): نَمْ قرير العين! فليس شيء أحبَّ إليه من قيام الساعة».
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا وُضِع المؤمن في لحده تقول له الأرض: إن كنتَ لحبيبًا إليَّ، وأنت على ظهري؛ فكيف إذا صِرتَ اليوم في بطني! سأُريك ما أصنع بك (¬٥). فيُفسَح له في قبره مدَّ بصره».
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا وُضِع الكافر في قبره أتاه منكر ونكير، فيُجلِسانه، فيقولان له: من ربُّك؟ فيقول: لا أدري. فيقولان له: لا دَريَت! فيضربانه ضربةً، فيصير رمادًا. ثم يُعاد، فيُجلَس، فيقال له: ما قولك في هذا
---------------
(¬١) (ب، ط، ن، ج): «ويرد».
(¬٢) ما عدا (أ، ق، غ): «ثم يقول».
(¬٣) (ق، ز): «قبره».
(¬٤) «له» ساقط من (ب).
(¬٥) لم يرد «بك» في (أ، غ).

الصفحة 135