كتاب الروح - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
بخلق كثير قد جاؤوني، فقلت (¬١): ما أنتم؟ وما حاجتُكم؟ قالوا: نحن أهل المقابر. قلت: ما حاجتكم؟ [٣ ب] قالوا: إنَّك عَوَّدتنا منك هديةً عند انصرافك إلى أهلك. قلت: وما هي؟ قالوا: الدعواتُ التي كنت تدعو بها. قال: قلت: فإنّي أعود لذلك. قال: فما تركتُها بعد (¬٢).
حدثني محمد، حدثني أحمد بن سهل، حدثني رِشْدين بن سعد (¬٣)، عن رجل، عن يزيد بن أبي حبيب، أن سُلَيم بن عُمَير (¬٤) مرَّ على مقبرة، وهو حاقن قد غلبه البول، فقال له بعضُ أصحابه: لو نزلتَ إلى هذه المقابر، فبُلتَ في بعض حُفَرها! فبكى، ثم قال: سبحان الله! والله إنّي لأستحيي من الأموات، كما أستحيي من الأحياء (¬٥).
ولولا أن ا لميت يشعر بذلك لما استَحْيا منه.
وأبلغُ من ذلك أنَّ الميِّت يعلم بعمل الحيِّ من أقاربه وإخوانه.
قال عبد الله بن المبارك: حدثني ثور بن يزيد، عن أبي رُهْم (¬٦)، عن أبي
---------------
(¬١) (ب، ق، ج، ز): "قلت".
(¬٢) أخرجه البيهقي في الشعب (٧/ ١٧) عن طريق ابن أبي الدنيا. وأورده عنه ابن رجب في الأهوال (١٢٥). وعنه وعن البيهقي: السيوطي في شرح الصدور (٣٠٠).
(¬٣) (ز): "رشيد بن سعيد"، تحريف.
(¬٤) في (ب): "عتر". وفي (ز): "عمر". وكلاهما تحريف.
(¬٥) عزاه السيوطي في شرح الصدور (٣٨٨) إلى كتاب القبور.
(¬٦) في جميع النسخ: "إبراهيم". وهو تحريف. صوابه ما أثبتنا من الزهد وغيره. وهو أبو رُهم السماعي يروي عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه. وانظر ما يأتي في (ص ٣٥).