كتاب الروح - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

إلى قبور اليهود والنصارى والمنافقين كالإسماعيلية والنُّصَيرية والقرامطة من بني عُبيد وغيرهم الذين بأرض مصر والشام، فإنَّ أصحاب الخيل يقصدون قبورهم لذلك، كما يقصِدون قبور اليهود والنصارى. قالوا: فإذا سمعت الخيلُ عذاب القبر أحدَثَ لها ذلك فزَعًا وحرارةً تذهب بالمَغَل (¬١).
وقد قال عبد الحقّ الإشبيليُّ (¬٢): حدثني الفقيه أبو الحكم بن بَرَّجان (¬٣) ــ وكان من أهل العلم والعمل ــ أنهم دفنوا ميتًا بقريتهم في شرق (¬٤) إشبيلية. فلما فرغوا من دفنه قعدوا ناحيةً يتحدثون، ودابةٌ ترعى قريبًا منهم، فإذا بالدابَّة قد أقبلت مسرعةً إلى القبر، فجعلت أذنَها عليه، كأنها تستمع (¬٥)، ثم ولَّت فارَّة. ثم عادت إلى القبر، فجعلت أذنها عليه، كأنها تستمع (¬٦)، ثم ولَّت فارة. فعلت ذلك مرة بعد مرة.
---------------
(¬١) في تلخيص كتاب الاستغاثة (٢/ ٥٩٠): «فبسبب الرعب الذي يحصل لها تنحلُّ بطونها، فتروث، فإن الفزع يقتضي الإسهال».
(¬٢) في كتاب العاقبة (٢٤٧).
(¬٣) عبد السلام بن عبد الرحمن اللخمي الإشبيلي، من أهل المعرفة بالقراءات والحديث. نعته الذهبي بشيخ الصوفية. توفي سنة ٥٣٦. سير أعلام النبلاء (٢٠/ ٧٢). و «بَرَّجان» ضبط في (ق) بضم الموحدة، وهو خطأ. انظر: وفيات الأعيان (٤/ ٢٣٧).
(¬٤) (أ، ق، ج): «شرف». وفي (ن): «سوق». والمثبت من غيرها. وكذا في العاقبة، وتذكرة القرطبي (٤٠٨).
(¬٥) (ق، ن، ز، غ): «تسمع».
(¬٦) ما عدا (أ، ج): «تسمع». و «كأنها تستمع» ساقطة من (ب).

الصفحة 153