كتاب الروح - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
قال أبو الحكم: فذكرت عذاب القبر، وقولَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنهم ليعذَّبون عذابًا تسمعه البهائم».
ذكَر لنا هذه الحكاية ــ ونحن نسمع عليه «كتاب مسلم» ــ لما انتهى القارئ إلى قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنهم ليعذَّبون عذابًا تسمعه البهائم» (¬١).
وهذا (¬٢) السماع واقع على أصوات المعذَّبين. قال هنَّاد بن السَّرِيّ في كتاب «الزهد» (¬٣): ثنا وكيعٌ، عن الأعمش، عن شَقِيق، [عن مسروق] (¬٤) عن عائشة قالت: دخلتْ عليَّ يهودية، فذكرتْ عذاب القبر، فكذَّبتُها. فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - عليَّ، فذكرتُ ذلك له، فقال: «والذي نفسي بيده، إنّهم ليعذَّبون في قبورهم حتى تسمعَ البهائم أصواتهم» (¬٥).
قلتُ (¬٦): وأحاديث المسألة في القبر كثيرة، كما في الصحيحين والسُّنن عن البراء بن عازب أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «المسلم إذا سُئِل في قبره، فيشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فذلك قول الله تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم: ٢٧]».
---------------
(¬١) في (ن): «القارئ إلى هذا الحديث».
(¬٢) (ق): «فهذا».
(¬٣) برقم (٣٤٧). وأخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده (١٤١٦) عن وكيع، به. وإسناده صحيح. (قالمي).
(¬٤) ساقط من جميع النسخ، وقد أضفناه من مصادر التخريج.
(¬٥) من «وقد قال عبد الحق الإشبيلي ... » إلى هنا لم يرد في مجموع الفتاوى. ولعله إضافة من ابن القيم إلى كلام شيخه.
(¬٦) السياق موهمٌ أن القائل هنا ابن القيم، ولكن الكلام الآتي لشيخ الإسلام. وليس في الفتاوى (٤/ ٢٨٧): «قلت».