كتاب الروح - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
عليكم أهلَ الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنَّا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحمُ الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية" (¬١).
= فهذا السلامُ والخطاب والنداء لِموجودٍ يَسمع ويُخاطب ويَعقِل ويَرُدُّ، وإن لم يسمع المسلِّم الردَّ (¬٢).
وإذا صلَّى الرجل قريبًا منهم شاهدوه، وعلموا صلاته، وغَبَطوه على ذلك.
قال يزيد بن هارون: أخبرنا سليمان التيميُّ، عن أبي عثمانَ النهديِّ أن ابن مِيناس خرج في جنازةٍ في يوم، وعليه ثياب خِفَاف، فانتهى إلى قبر. قال: فصلَّيت ركعتين ثم اتَّكأت عليه، فوالله إنَّ قلبي ليقظانُ إذ سمعت صوتًا من القبر: إليك عنِّي لا تُؤْذِني (¬٣)، فإنكم قوم تعملون ولا تعلمون ونحن قوم نعلَمُ ولا نعمل، ولأَنْ يكونَ لي مثلُ ركعتيك أحبُّ إليَّ من كذا وكذا (¬٤). فهذا قد علم باتكاء الرجل على القبر، وبصلاته.
وقال ابن أبي الدنيا: حدثني الحسين بن علي العِجْليُّ، ثنا محمد بن الصَّلت، ثنا إسماعيل بن عياش، عن ثابت بن سليم (¬٥)، ثنا أبو قلابة قال: أقبلتُ من الشام إلى البصرة، فنزلت منزلًا، فتطهَّرت، وصلَّيت ركعتين بِليل،
---------------
(¬١) أخرجه مسلم من حديث عائشة (٩٧٤) وبريدة (٩٧٥).
(¬٢) هنا انتهى ما نقله ابن كثير في تفسيره. انظر بدايته في ص (٧). وانظر تعقيب الألباني على ذلك في مقدمته لكتاب الآيات البينات (ص ٦٠) وحاشيته عليه (ص ١٣٢).
(¬٣) (أ، ق، ز): "لا تُؤذيني".
(¬٤) أخرجه البيهقي في الدلائل (٧/ ٤٠). وأورده ابن رجب في الأهوال (٤٠) عن ابن أبي الدنيا. والسيوطي عنه وعن البيهقي في شرح الصدور (٢٨٥).
(¬٥) في (أ، ط) ضُبط بضم السين.