كتاب الروح - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
ثم وضعت رأسي على قبر، فنمت. ثم انتبهت فإذا صاحب القبر يشتكيني (¬١)، يقول: قد آذيتني منذ الليلة. ثم قال: إنكم تعملون ولا تعلمون، ونحن نعلم ولا نقدر على العمل. ثم قال: الركعتين اللتين (¬٢) ركَعْتَهما خير من الدنيا وما فيها. ثم قال: جزى الله أهل الدنيا خيرًا أقْرِهِم (¬٣) منَّا السلام، فإنه يدخل علينا من دعائهم نورٌ أمثالُ الجبال (¬٤).
وحدثني الحسين العِجْلي، ثنا عبد الله بن نمير، ثنا مالك بن مِغْول، عن منصور، عن [٤ ب] زيد بن وَهْب، قال: خرجت إلى الجَبَّانة، فجلست فيها، فإذا رجل قد جاء إلى قبر، فسوَّاه، ثم تحول إليَّ، فجلس. قال: فقلت له: ما هذا القبر؟ قال: أخ لي. فقلت: أخ لك؟ فقال: أخ لي في الله، رأيته فيما يرى النائم، فقلت: فلانُ، عِشتَ! الحمد لله رب العالمين. قال: قد قلتَها (¬٥)، لأَن أقدرَ على أن أقولها أحبُّ إليّ من الدنيا وما فيها. ثم قال: ألم تر حيث كانوا يدفنوني (¬٦)، فإن فلانًا قام، فصلى ركعتين؟ لأَن أكونَ أقدر على أن أصلِّيَهما أحبُّ إليَّ من الدنيا وما فيها (¬٧).
---------------
(¬١) (ز، ط، غ): "يشكتي".
(¬٢) كذا في جميع النسخ. وفي الأهوال وشرح الصدور: "إنّ الركعتين ... ".
(¬٣) كذا في جميع النسخ بحذف الهمزة.
(¬٤) أورده عن ابن أبي الدنيا: ابن رجب في الأهوال (٤٠) والسيوطي في شرح الصدور (٣٩٦).
(¬٥) (ج): "كلمة قد قلتها". وهي زيادة من بعض النسّاخ.
(¬٦) كذا في جميع النسخ بحذف نون الرفع.
(¬٧) أخرجه البيهقي في الشعب (٧/ ١٩) من طريق ابن أبي الدنيا. وعنه أورده ابن رجب في الأهوال (٤٠).