كتاب الروح - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
إذ مرَّ بمقبرة، فإذا برجل قد خرج من قبره، يلتهبُ نارًا، مصفَّدًا في الحديد، فقال: يا عبد الله انضح، يا عبد الله انضح، قال: وخرج [٤٣ ب] آخرُ يتلوه فقال: يا عبد الله لا تنضح، يا عبد الله لا تنضح. قال: وغُشِي على الراكب، وعَدَلتْ به راحلته إلى العَرْج (¬١). قال: وأصبح قد (¬٢) ابيضَّ شعره. فأُخبِر عثمانُ بذلك، فنهى أن يسافر الرجل وحدَه.
وذكر (¬٣) من حديث سفيان، حدثنا داود بن شابور (¬٤)، عن أبي قَزَعة (¬٥) قال: مررنا في بعض المياه التي بيننا وبين البصرة، فسمعنا نهيق حمار، فقلنا لهم: ما هذا النهيقُ؟ قالوا: هذا رجل كان عندنا، كانت أمه (¬٦) تكلِّمه بالشيء، فيقول لها: انهقي نهيقَك. فلما مات سُمِع هذا النهيقُ من قبره كلَّ ليلة.
وذكر (¬٧) أيضًا عن عمرو بن دينار قال: كان رجلٌ من أهل المدينة، وكانت له أخت في ناحية المدينة، فاشتكت، وكان يأتيها يعودها. ثم ماتت، فدفنها. فلما رجع ذكَر أنه نسي شيئًا في القبر (¬٨) كان معه، فاستعان برجل من
---------------
(¬١) واد في طريق الحاج القديم بين مكة والمدينة، ويقع على بعد ١١٣ كِيلا من المدينة. معجم المعالم الجغرافية في السيرة (٢٠٣).
(¬٢) (ب، ط، ن، ج): «وقد».
(¬٣) في كتاب القبور (٩٦) ومن عاش بعد الموت (٢٦).
(¬٤) ما عدا الأصل: بالسين المهملة.
(¬٥) في كتاب القبور زيادة: «رجل من أهل البصرة، عنه أو عن رجل». وفي كتاب من عاش: « ... عنه أو عن غيره».
(¬٦) في (أ، غ): «له أمّ»، وهو مستدرك في حاشية الأصل. وفي (ط): «امرأته»، تحريف.
(¬٧) في كتاب القبور (٩٧). وأخرجه أيضًا في كتاب الوَرع (٨٤).
(¬٨) (ب، ط): «قبرها».