كتاب الروح - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
وكان من خيار عباد الله، وكان يتحرَّى [٤٤ ب] الصدق. قال: جاء رجل إلى سوق الحدَّادين ببغداد، فباع مساميرَ صغارًا، المسمارُ برأسين. فأخذها الحدَّاد، وجعل يُحْمي عليها، فلا تلينُ معه حتى عجَز عن ضربها. فطلب البائعَ، فوجده، فقال: من أين لك هذه المسامير؟ فقال: لقيتُها. فلم يزل به حتَّى أخبره أنه (¬١) وجد قبرًا مفتوحًا، وفيه عظامُ ميِّتٍ منظومةٌ بهذه المسامير. قال: فعالجتُها على أن أُخرِجها، فلم أقدر، فأخذتُ حجرًا، فكسرتُ عظامه، وجمعتُها. قال: وأنا رأيت تلك المسامير. قلت له: فكيف صفتها؟ قال: المسمار صغير برأسين (¬٢).
قال ابن أبي الدنيا (¬٣): وحدَّثني أبي، عن أبي الحَريش (¬٤)، عن أمِّه قالت (¬٥): لما حفر أبو جعفر (¬٦) خندقَ الكوفة حوَّل الناسُ موتاهم، فرأينا
---------------
(¬١) ما عدا (أ، ق، غ): «بأنه»
(¬٢) نقله من كتاب الروح: ابن رجب في أهوال القبور (٦٨) وعلَّق عليه بقوله: «هذه الحكاية مشهورة ببغداد، وقد سمعتها وأنا صبي ببغداد، وهي مستفيضة بين أهلها». ونقله أيضًا السيوطي في شرح الصدور (٢٤٥). وتحرّف «منتاب» في الكتابين إلى «سنان».
(¬٣) في كتاب القبور (١٠٢).
(¬٤) كذا في (ن). وفي (ط): «الحرس». وفي (غ) بالجيم. وفي النسخ الأخرى: «الحريس». وفي مطبوعة القبور وشرح الصدور: «الجريش».
(¬٥) ما عدا (ق): «عن أبيه قال». والمثبت موافق لما في كتاب القبور وشرح الصدور (٢٣٨)، والأهوال (٦٨). ويظهر أنه كان كذا في الأصل، فغيَّره بعضهم.
(¬٦) تعني: المنصور الخليفة، وقد أمر بحفر خندق الكوفة سنة ١٥٥. البداية والنهاية (١٣/ ٤٣٥).