كتاب الروح - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
نشعر (¬١) بحياتهم. ومن تفرقت أجزاؤه لا يمتنع على من هو على كل شيء قدير أن يجعل للروح اتصالًا بتلك الأجزاء، على تباعُدِ ما بينهما (¬٢) وقربه، ويكون في تلك الأجزاء شعورٌ بنوع من الألم واللذَّة.
وإذا كان الله سبحانه وتعالى قد جعل في الجمادات شعورًا (¬٣) وإدراكًا تُسبِّح ربَّها به، وتسقط (¬٤) الحجارةُ من خَشيته، وتسجد له الجبال والشجر، وتسبِّحه الحصَى والمياهُ والنبات.
قال تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراء: ٤٤]. ولو كان التسبيح هو مجرَّد دلالتها على صانعها لم يقل: {وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} (¬٥) فإنَّ كلَّ عاقل يفهم (¬٦) دلالتها على صانعها (¬٧).
---------------
(¬١) ما عدا (أ، ق، غ): «يُشعر».
(¬٢) كذا في (أ، غ) يعني بين الروح وأجزاء الجسم. وفي غيرهما: «بينها». وكأنّ في (ق، ط) تغييرًا في المتن.
(¬٣) زاد في (ب): «بنوع من الألم». وأشير إليها في حاشية (ط). وهو غلط سببه انتقال النظر. وجواب «إذا» سيأتي بعد الشواهد على تسبيح الجمادات.
(¬٤) (ن): «تهبط».
(¬٥) «ولو كان ... تسبحهم» ساقط من (ن).
(¬٦) ما عدا (أ، غ): «يفقه».
(¬٧) وقد ذكر المصنف في مفتاح دار السعادة (٢/ ١٠٦) أن هذا القول ــ وهو أنّ المراد من تسبيح الجمادات دلالتها على صانعها فقط ــ باطل من أكثر من ثلاثين وجهًا قد ذكر أكثرها في موضع آخر. وانظر: جامع الرسائل لشيخ الإسلام (١/ ٤٠). والقول المذكور نسبه ابن الجوزي في زاد المسير (٤/ ٤٥٣) إلى جماعة من العلماء.