كتاب الروح - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

عذاب البرزخ ونعيمه قِسْطُه الذي تقتضيه (¬١) أعماله، وإن تنوعت أسباب النعيم والعذاب وكيفياتهما.
وقد (¬٢) ظنَّ بعضُ الأوائل (¬٣) أنّه إذا حُرِق جسده بالنار، وصار رمادًا، وذُرِي بعضه في البحر وبعضه في البرِّ (¬٤) في يوم شديد الريح= أنه ينجو من ذلك، فأوصى (¬٥) بنيه أن يفعلوا به ذلك. فأمر الله البحرَ فجمع ما فيه، وأمر البرَّ فجمع ما فيه، ثم قال: قم، فإذا هو قائم بين يدي الله فسأله (¬٦): ما حملك على ما فعلت؟ فقال (¬٧): خَشْيتُك يا ربِّ، وأنت أعلم. فما تلافاه أن رحمه (¬٨).
فلم يفُتْ عذابُ البرزخ [٤٧ ب] ونعيمه لهذه (¬٩) الأجزاء التي صارت في هذه الحال، حتى لو عُلِّق الميت على رؤوس الأشجار في مهابِّ الرياح لأصابَ جسده من عذاب البرزخ حظُّه ونصيبُه. ولو دُفن الرجل الصالح في
---------------
(¬١) (ق، غ): «يقتضيه». ولم ينقط أوله في الأصل.
(¬٢) (أ، ق، غ): «فقد».
(¬٣) (ن): «أولئك»، تحريف.
(¬٤) في (ب، ج) قدّم البرّ على البحر.
(¬٥) (ب، ج)، «ما حرض» تحريف.
(¬٦) (ب، ط، ج): «قال».
(¬٧) (ب، ط، ج): «قال».
(¬٨) يشير إلى ما أخرجه البخاري في أحاديث الأنبياء (٣٤٧٨، ٣٤٨١) ومسلم في التوبة باب سعة رحمة الله (٢٧٥٦، ٢٧٥٧) من حديث أبي هريرة وأبي سعيد الخدري.
(¬٩) في الأصل: «هذه» ولكن أخشى أن اللام لم تظهر في الصورة كما لم تظهر همزة الوصل من «الأجزاء».

الصفحة 214