كتاب الروح - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
وأما الجواب المفصل، فهو أنَّ نعيم البرزخ (¬١) وعذابَه مذكور في القرآن في غير موضع. فمنها: قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ} [الأنعام: ٩٣].
وهذا خطاب لهم عند الموت قطعًا (¬٢)، وقد أخبرت الملائكة ــ وهم الصادقون ــ أنَّهم حينئذٍ يُجزون عذاب الهون. ولو تأخَّر عنهم ذلك إلى انقضاء الدنيا لما صحَّ أن يقال لهم: {الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ}.
ومنها (¬٣) قوله تعالى: {فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (٤٥) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: ٤٥ - ٤٦]. فذَكَر عذابَ الدَّارَين ذكرًا صريحًا لا يحتمل غيره.
ومنها قوله تعالى: {فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (٤٥) يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٦) وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [الطور: ٤٥ ــ ٤٧] وهذا يحتمل أن (¬٤) يراد به عذابهم بالقتل
---------------
(¬١) ما عدا (أ، ق، غ): «الروح»، تصحيف. وفي (ق): «النعيم»، خطأ.
(¬٢) لم يرد «قطعًا» في (أ، ق، غ).
(¬٣) «منها» من (أ، ق، غ).
(¬٤) في (ب، ط، ج): «الذي». تحريف اختلّ به المعنى.
الصفحة 219