كتاب الروح - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
فصل
وأما المسألة الثانية عشرة (¬١)
وهي (¬٢) أنَّ سؤالَ منكرٍ ونكيرٍ هل هو مختصٌّ بهذه الأمة،
أو يكون لها ولغيرها؟
فهذا موضعٌ قد (¬٣) تكلَّم فيه الناس. فقال أبو عبد الله الترمذي (¬٤): إنما سؤال الميت في هذه الأمة خاصّةً؛ لأنّ الأمم قبلنا كانت الرسل تأتيهم بالرسالة، فإذا أبوا كفَّت الرسل، واعتزلوهم، وعوجلوا بالعذاب. فلما بَعث الله محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بالرحمة أمانًا (¬٥) للخلق كما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: ١٠٧] أمسك عنهم العذابَ، وأعطى السيفَ، حتى يدخل في دين الإسلام مَن دخل لمهابة (¬٦) السيف، ثم يرسخ الإيمان في قلبه، فأُمهِلوا. فمِن هاهنا ظهر أمرُ النِّفاق، فكانوا يُسِرُّون الكفر، ويُعلِنون الإيمان، فكانوا بين المسلمين في سِتْر. فلما ماتوا قيَّض الله لهم فتَّانَي القبر ليستخرج سرّهم بالسؤال. و {لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [الأنفال: ٣٧]،
---------------
(¬١) ما عدا الأصل: «عشر» بالتذكير. وفي (ن): «الثالثة عشرة» ولم يرد فيها «فصل وأمَّا».
(¬٢) «وهي» ساقط من (ب، ج). والواو ساقطة من (ط).
(¬٣) ساقطة من (ب، ط، ن، ج).
(¬٤) في نوادر الأصول ــ المسندة (١٠٢٠). والمؤلف صادر عن تذكرة القرطبي (٤١٤).
(¬٥) (ق، ن): «إمامًا»، تصحيف. وفي النوادر: «وأمانًا».
(¬٦) كان في الأصل: «من مهابة»، ثم ضرب على «من»، ولم تظهر اللام في الصورة. وفي غيره والتذكرة والنوادر ما أثبتنا. ولو قيل: «مهابةَ السيف» لكان صوابًا أيضًا.