كتاب الروح - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

قرصته نملةٌ، فأمَرَ بقرية النمل، فأُحرِقت، فأوحى الله إليه (¬١): من أجل أن قرصتك (¬٢) نملةٌ واحدةٌ [٥٦ ب] أحرقْتَ أمّةً من الأمم تسبِّح (¬٣)؟
وإن كان المراد به أمته - صلى الله عليه وسلم - الذين (¬٤) بُعِث فيهم، لم يكن فيه ما ينفي سؤالَ غيرهم من الأمم؛ بل قد يكون ذكرُهم إخبارًا بأنهم مسؤولون (¬٥) في قبورهم، وأنَّ ذلك لا يختصُّ بمن قَبْلَهم لفضل هذه الأمة وشرفها على سائر الأمم.
وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: «أوحي إلي أنّكم تُفتنون في قبوركم»، وكذلك إخباره عن قول الملكين: «ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟» هو إخبارٌ لأمته بما تُمتَحن به في قبورها.
والظاهر ــ والله أعلم ــ أنّ كلَّ نبيٍّ (¬٦) مع أمته كذلك، وأنَّهم معذَّبون (¬٧) في قبورهم بعد السؤال لهم، وإقامةِ الحجّة عليهم، كما يعذَّبون في الآخرة بعد السؤال (¬٨) وإقامة الحجَّة (¬٩)، والله سبحانه وتعالى أعلم.
---------------
(¬١) «إليه» ساقط من (ن).
(¬٢) «أن قرصتك» ساقط من (ب).
(¬٣) أخرجه البخاري (٣٠١٩) من حديث أبي هريرة.
(¬٤) (ق، غ): «الذي». وكذا كان في الأصل، فأصلح.
(¬٥) الأصل: «مساولون». يعني: مساءلون.
(¬٦) في (ب، ط) زيادة: «أرسل».
(¬٧) (ط): «يعذبون».
(¬٨) في (ط، ن) زيادة: «لهم».
(¬٩) في (ب، ط، ن) زيادة: «عليهم». وقال الحافظ في الفتح (٣/ ٢٤٠): «ظاهر الأحاديث الأول، وبه جزم الحكيم الترمذي ... وجنح ابن القيم إلى الثاني. وقال ... » فنقل جوابه. وانظر تلخيص المسألة من كتابنا هذا في شرح الطحاوية (٣٩٧).

الصفحة 264